للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ حُبُّهُ خَاصًّا بِمَوْلَاهُ عزَّ وجلَّ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -" وَجُعِلَتْ

قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ"، وَمَا ذَاكَ إلَّا لمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمعَانِي الْعَلِيَّةِ الشَّرِيفَةِ. (١)

قال القاضي عياض: "حبب إلي من دنياكم" فدل على أن حبه لما ذكر من النساء والطيب اللذين هما من أمور دنيا غيره واستعماله لذلك ليس لدنياه بل لآخرته. (٢)

فأكد القاضي على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحمل الابتلاء وجعله لآخرته وليس لدنياه.

[الوجه الثالث: القول بأنه منفعة للمسلمين.]

قال السيوطي بعد أن ذكر القول السابق:

وَالثَّانِي لِتكُونَ خَلَوَاته مَعَ مَا يُشَاهِدهَا مِنْ نِسَائِهِ فَيَزُول عَنْهُ مَا يَرْمِيه بِهِ الْمشْرِكُونَ مِنْ أَنَّهُ سَاحِر أَوْ شَاعِر فَيَكُون تَحْبِيبهنَّ إِلَيْهِ عَلَى وَجْه اللُّطْف بِهِ وَعَلَى الْقَوْل الْأَوَّل عَلَى وَجْه الابْتِلَاء وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ لَهُ فَضِيلَة. (٣)

وقال السندي: قِيلَ إِنَّمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ لِيَنْقُلْنَ عَنْهُ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَيُسْتَحَيَا مِنْ ذِكْرِهِ. (٤)

وقال برهان الدين الحلبي: وإنما حبب إليه النساء لينقلن عنه محاسنه ومعجزاته الباطنة، والأحكام السرية؛ التي لا يطلع عليها غالبًا غيرهن وغير ذلك من الفوائد الدينية. (٥)

وقد ظهر هذا في نسائه حيث كن ينقلن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحكامًا وفتاوى يستفيد بها المسلمون، وها هي أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قد روت الكثير والكثير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الذهبي فيها: أفقه نساء الأمة على الإطلاق. (٦)


(١) المصدر السابق ٢/ ١٨٩.
(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ص ١٠٦.
(٣) حاشية السيوطي على النسائي ٧/ ٦١.
(٤) حاشية السندي على النسائي ٧/ ٦١.
(٥) السيرة الحلبية ٢/ ٤٣٤.
(٦) سير أعلام النبلاء ٢/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>