للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليوهموا الجهلة أنه في كتاب الله كذلك، وينسبونه إلى الله وهو كذب على الله. وهم يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله (١).

الوجه الرابع: القرآن جاء مهيمنًا على كل الكتب السابقة.

كما ذكر في القرآن أنه جاء مصدقًا للكتب السابقة فكذلك ذكر في القرآن أنه جاء مهيمنًا على الكتب السابقة؛ قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ. .} [المائدة: ٤٨].

هذا خطاب من الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول - تعالى ذكره -: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} يا محمد الكتاب وهو القرآن الذي أنزله عليه، ويعني بقوله {بِالْحَقِّ}: بالصدق ولا كذب فيه، ولا شك أنه من عند الله {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ}؛ يقول: أنزلناه بتصديق ما قبله من كتب الله التي أنزلها إلى أنبيائه {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}؛ يقول: أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إليك يا محمد مصدقًا للكتب قبله وشهيدًا عليها أنها حق من عند الله أمينًا عليها حافظًا لها، وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال: إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده قد هيمن فلان عليه فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن (٢).

فاسم المهيمن يتضمن هذا كله فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله. جعل الله هذا الكتاب العظيم الذي أنزله آخر الكتب وخاتمها وأشملها وأعظمها وأكملها؛ حيث جمع فيه محاسن ما قبله وزاده من الكماليات ما ليس في غيره، فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلها، وتكفل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)}. (٣)، والقرآن جاء مهيمنًا على الكتب؛ لأنه الكتاب الذي لا يصير


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٦٥).
(٢) تفسير الطبري (١٠/ ٣٧٧).
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>