آلهة، سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ، كما يُوجَدُ آلِهةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. ٦ لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ المسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ". فقوله" ليس إله آخر إلا واحدًا" هو نفس الكلمة الطيبة وشعار التوحيد الخالد الذي بعث به جميع الأنبياء: "لا إله إلا الله". وقوله "ولكن لنا إله واحد: الآب الذي منه جميع الأشياء" في غاية الصراحة والوضوح في إفراد الآب وحده بالإلهية وأن كل ما سواه -بما فيهم المسيح- مخلوق منه. ويزيد هذا الإفراد للآب بالألوهية تأكيدًا، ذكر يسوع المسيح بعده بصفة الرب فقط، ولا شك أنه لا يريد بالرب هنا الألوهية وإلا عاد مناقضا لنفسه؛ إذ يكون قد أثبت لنا إلهين اثنين بعد أن أكد أنه ليس لنا إلا إله واحد، لذلك لابد أن يكون مراده بالرب معنى غير الله، وهذا المعنى هو السيد المعلم، كما تدل عليه رسائله الأخرى وكما هو مصرح به في إنجيل يوحنا من أن لفظة الرب -عندما تطلق على المسيح- يقصد بها المعلم، ففي الإصحاح الأول من إنجيل يوحنا (٣٨): "فقالا ربي! -الذي تفسيره: يا معلم! - أين تمكث؟ "وكذلك في إنجيل يوحنا (٢٠/ ١٦): "قَال لها يَسُوعُ: "يَا مَرْيَمُ" فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالتْ لَهُ: "رَبُّوني! " الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ."
(٦) وفي رسالته إلى أهل أفسس (٤/ ٦): "إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ". (١)
ثانيًا: من العهد القديم: (١) أول وصية من الوصايا العشر التي أوحاها الله تعالى لسيدنا موسى -عليه السَّلام-، وكتبها له في الألواح، كما جاءت في سفر الخروج (٢٠/ ١ - ٤) من التوراة الحالية: "أنَّا الرَّبُّ إِلهك الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. لَا يَكُنْ لَكَ آلهةٌ أُخْرَى أَمَامِي. لَا تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلَا صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الماءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لَا تَسْجُدْ لهنَّ وَلَا تَعْبُدْهُنَّ".
(٢) وفي سفر الخروج أيضًا (٢٣/ ١٣): "وَلَا تَذْكُرُوا اسْمَ آلهةٍ أُخْرَى، وَلَا يُسْمَعْ مِنْ فَمِكَ."