للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا أفتى ابن عباس فيما صح عنه فعن عن عطاء بن يسار: أن عبد الله بن عباس سئل عن القبلة للصائم فارخص فيها للشيخ وكرهها للشاب (١).

وهذا لأن الغالب في الشيخ انكسار شهوته، وكرهها للشاب لأن الغالب قوتها. قال ابن عبد البر: أظن من فرق بينهما ذهب إلى قول عائشة رضي اله عنها أيكم أملك لإربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أي أملك لنفسه وشهوته، وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة أنه رخص في القبلة للشيخ، وهو صائم ونهى عنها الشاب (٢).

وقال الشيخ: يملك إربه والشاب يفسد صومه.

ففهم من التعليل أنه دائر مع تحريك الشهوة بالمعنى المذكور، وأن التعبير بالشيخ والشاب جرى على الغالب من أحوال الشيوخ في انكسار شهوتهم وأحوال الشباب في قوتها فلو انعكس الأمر انعدم الحكم. (٣)

وحاصل الأمر: أن في الفرق بين الشيخ والشاب آثار خرجت مخرج الغالب وفي عدم الفرد آثار خرجت على أصل الإباحة لمن ملك نفسه وشهوته فالأمر راجع إلى الشهوة وعليه يحمل منع من منع مطلقا كابن عمر وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - (٤).

[الخامسة: هل هناك فرق بين صيام الفريضة وصيام النافلة، أم الحكم فيهما سواء؟]

روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يقبل ويباشر وهو صائم" (٥)، وفي لفظ "كان يقبل في شهر الصوم" (٦).


(١) أخرجه مالك (٦٤٨) عن زيد بن أسلم عن عطاء به.
(٢) أخرجه البيهقي في الكبرى (٤/ ٢٣٢) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكري، ثنا يحى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثني أبان البجلي، عن أبي بكر بن حفص، عن عائشة به مرفوعا اهـ وهو مرسل.
(٣) شرح الموطأ للزرقاني ٢/ ٢١٨.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ برواية محمد بن الحسن (٣٥٣) قال: مالك أخبرنا نافع، عن ابن عمر: أنه كان ينهى عن القبلة والمباشرة للصائم.
(٥) فتح الباري ٤/ ١٧٨.
(٦) رواه مسلم ١٢/ ٧٠، والنسائي في الكبرى (٣٠٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>