للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرحب على جماعة المسلمين، وأن أرضهم بريئة من الجور، وأن أموالهم، وأنفسهم، وزافر حائط الملك الذي كان يسيل إلى آل قيس، وأن اللَّه جار على ذلك، وكتب معاوية (١).

وقوله: وأن نصر آل ذي مرحب على جماعة المسلمين فيه لفتة هامة، وهي أن المسلمين يقدمون حياتهم وأرواحهم ودماءهم فدًى لمن دخل في حماهم، وأصبح في ذمتهم، إنها ذمة اللَّه تعالى وذمة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

يقول القرافي: فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صونًا لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم (٣).

٢ - كما كتب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتاب ذمة، وعهد إلى أهل نجران النصارى، ينقله إلينا ابن سعد في طبقاته، فيقول: وكتب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران، وكهنتهم، ومن تبعهم، ورهبانهم أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم، وصلواتهم، ورهبانهم، وجوار اللَّه، ورسوله، لا يغير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، ولا كاهن عن كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا شيء مما كانوا عليه، ما نصحوا، وأصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين، وكتب المغيرة. (٤)

٣ - أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يطبقون ما تعلموه من نبيهم العظيم، ويلتزمون لأهل الجزية بمثل الإسلام، وخصائصه الحضارية، وقد أورد المؤرخون عددًا مما ضمنوه لأهل الذمة، ومن ذلك العهدة العمرية التي كتبها عمر لأهل القدس، وفيها: بسم اللَّه الرحمن الرحيم؛ هذا ما أعطى عبد اللَّه عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم، وأموالهم، ولكنائسهم، وصلبانهم وسقيمها، وبريئها، وسائر ملتها، أن لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم،


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١/ ٢٦٦).
(٢) الجزية في الإسلام للسقار.
(٣) الفروق (٣/ ١٤ - ١٥).
(٤) أخرجه ابن سعد (١/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>