للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال بالرفع وذكَّر لم يجمع (قريب) ولم يثنّه، ومن قال: إنّ عفراء منك قريبة أو بعيدة ثنَّى وجمع. (١)

[الوجه الثالث: الصيغة: (فعيل) يستوي فيها المذكر والمؤنث.]

ويستوي المذكر والمؤنث في فعول ومفعال ومفعيل وفعيل بمعنى مفعول ما جرى على الاسم، تقول: هذه المرأة قتيل بني فلان، ومررت بقتيلتهم، وقد يشبه به ما هو بمعنى فاعل قال اللَّه تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، وقالوا: ملحفة جديد. (٢)

وتذكير المؤنث كقوله:

إنارة العقل مكسوف بطوع هوى ... وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا

فإذا كان الاسم على وزن (فعيل) في معنى (مفعول) فهو في المؤنث والمذكر سواء وهو بمنزلة (فعول). (٣)

الوجه الرابع: (قريب وبعيد) للمفرد والمثنى والجمع؛ المذكر والمؤنث (٤).


= ومعنى البيت: أن الشاعر جمع بين الوجهين التأنيث والتذكير والموصوف مؤنث؛ لأن "قريب" و"بعيد" أريد بهما القرب في المكان والبعد فيه، والآية الكريمة ليس القرب المذكور فيها مرادًا به قرب النسب فيلزم تأنيثه، وإنما المراد قرب الزمان، والعرب تجيز فيه الوجهين: التأنيث والتذكير.
ولامرئ القيس -وهو من شعراء الجاهلية وشعرهم حُجة في إثبات اللغة- بيتٌ نحا فيه هذا المنحى؛ فقال:
له الويل إن أمسى ولا أم سالم ... قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا
والشاهد في البيت تذكير "قريب" مع جريانه على مؤنث أم سالم وهو نظير "قريب" في الآية الكريمة.
(١) معاني القرآن للفراء ١/ ٣٨٠. وعليه قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} وقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}، وقول عبيد بن الأبرص:
فنفضت ريشها وانتفضت ... وهي من نهضة قريب.
(٢) المفصل في صنعة الإعراب للزمخشري ١/ ٢٥٠. وانظر شرحه لابن يعيش ٥/ ١٠٢.
(٣) سيبويه في الكتاب ٣/ ٦٤٧.
(٤) قال الكسائي: قريب نعت ينعت به المذكر والمؤنث والجمع بمعنًى ولفظ واحد؛ تفسير القرطبي ١٦/ ١٨، وانظر تفسير الشوكاني ٢/ ٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>