للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ لمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ الله فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ الله بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ الله لأَبِى طَالِبٍ: "يَا عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله". فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ الله بْنُ أَبِى أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله (١).

[الوجه العشرون: أين ذكر بحيرى في كتب النصارى؟ .]

لو كان بحيرى حقًا عالمًا عظيمًا وبارعًا لدرجة أنه خطط لنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن من المفروض أن يوجد له في السجلات النصرانية أدب كثير، ومجلدات عن حياته وأعماله، ولكننا لا نجد عنه شيئًا إلا في الروايات الضعيفة التي ذكرناها.

ففي كتب النصارى والمستشرقين - كتاريخ الكنيسة ودائرة المعارف - ذُكر أن بحيرى كان في القرن الرابع، بل ظاهر كلام النصارى عند التحقيق في كتبهم التاريخية أنهم لا يعرفون عنه شيئًا مما يتعلق بتاريخ حياته في أرض العرب.

قال الألباني:

١ - إن كتاب تاريخ الكنيسة أثبت أن الراهب بحيرى كان في القرن الرابع من الميلاد، وهي دعوى عارية عن الصحة إذ ليس لذلك حجة علمية يستطاع بها إثباتها، وكل ما كان من الحجة تاريخ الكنيسة! فيا لله العجب كيف يوثق بهذا التاريخ هذه الثقة البالغة إلى درجة أن يُعارض به تاريخ المسلمين؟ مع أن تاريخهم - مهما كان في بعض حوادثه نظر من الوجهة الحديثية خاصة - أصح وأنقى بكثير من تاريخ الكنيسة الذي تعجز الكنيسة نفسها عن إثبات صحة كتابها المقدس الذي هو أصل دينها، فكيف تستطيع أن تثبت تاريخها الذي هو بحق "أمشاج من الروايات التي لا سند لها".


(١) البخاري (١٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>