للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فهذه بعض الحكم من هذا التحريم، وبالنظر في هذه الحكمة ترى أنها تدل على عظمة هذا الدين وعلى كمال هذه الشريعة.

كذلكم احتجوا بأن الإسلام أحل نكاح المحارم بأن الشافعي -رحمه اللَّه- أفتى بجواز نكاح الرجل ابنته من الزنا:

والجواب عن ذلك من وجوه:

الوجه الأول: حكم نكاح البنت من الزنا عند جمهور علماء المسلمين.

الوجه الثاني: هل نص الشافعي على ذلك في البنت من الصلب؟

الوجه الثالث: وإذا كان فما هي حجته ووجهة نظره، والرد عليها؟

وإليك التفصيل

[الوجه الأول: حكم نكاح البنت من الزنى عند جمهور علماء المسلمين.]

نكاح البنت من الزنا حرام عند جمهور العلماء والأدلة على ذلك فيما يلي:

١ - قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ}

قال ابن قدامة: وهذه بنته؛ فإنها أنثى مخلوقة من مائه، هذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة. (١)

وقد استدل جمهور العلماء على تحريم المخلوقة من ماء الزنى عليه بعموم قوله -تعالى- {وَبَنَاتُكُمْ} فإنها بنت، فتدخل في العموم، كما هو مذهب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل. (٢)

وقال ابن النجار: المحرمات في النكاح ضربان: ضرب على الأبد، وهن خمسة أقسام: قسم بالنسب، وهن سبعة. . .، وذكر منهن البنات، فقال: والبنات وبنات الولد وإِنْ سَفُلَ، ولو منفيات بلعان أو من زنا. . .

وقال البهوتي في الشرح: (وَالْبَنَاتُ) لِصُلْبٍ، (وَبَنَاتُ الْوَلَدِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) وَارِثَاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَنَاتُكُمْ}، (وَلَوْ) كُنَّ (مَنْفِيَّاتٍ


(١) المغني لابن قدامة (٧/ ٤٨٥).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>