للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: وهذا مصير منه إلى أن لفظ طائفة يتناول الواحد فما فوقه، ولا يختص بعدد معين. (١)

وقال البخاري: ويُسمى الرجل طائفة لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، فلو اقتتل رجلان دخلا في معنى الآية (٢).

قال ابن حجر: وهذا الاستدلال سبقه إلى الحجة به الشافعي، وقبله مجاهد، ووجه الدلالة منها يؤخذ من مفهومي الشرط والصفة، فإنهما يقتضيان قبول خبر الواحد (٣).

[٢ - الاستدلال بالسنة: وذلك من وجوه]

الأول: قبول الرسول -رضي الله عنه- خبر الواحد: فمن ذلك ما رواه البخاري عَنْ عَبْدِ الله -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ أَزِيدَ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ "وَمَا ذَاكَ". قَالَ صَلَّيْتَ خَمْسًا. فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ (٤)، ووجه الدلالة قبول الرسول -صلى الله عليه وسلم- خبر من أخبره بأنه زاد في صلاته ركعة.

الثاني: اعتماده -صلى الله عليه وسلم- على الواحد في التبليغ؛ فلو كان الواحد لا تقوم به الحجة في التبليغ، لم يكن لإرساله الرسل فائدة، وقد عقد البخاري في صحيحه بابًا عنوانه: (باب ما كان يبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأمراء والرسل واحدًا بعد واحد، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعَثَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَي، أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ. (٥)

وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يسارعون إلى قبول خبر الثقة فيما يبلغهم به، ومن ذلك أنه لما حُولت القبلة لم يعلم أهل المساجد في ضواحي المدينة بأمر تحويلها إلا من قِبل رجل واحد وهم يصلون. كما في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي


(١) فتح الباري (١٣/ ٢٤٧).
(٢) فتح الباري (١٣/ ٢٤٤).
(٣) فتح الباري (١٣/ ٢٤٧).
(٤) البخاري مع الفتح (٧٢٤٩).
(٥) فتح الباري (١٣/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>