الدلالة على وحدة المعنى الإنساني، ذلك أن الجملة السابقة ترد الجميع إلى نفس واحدة هي نفس آدم عليه السلام أما هذه الجملة فتنفرد بتقرير نسبة الزوجة أم الجميع حواء عليها السلام إلى نفس المصدر الروحي الذي نسب إليها بنوها، فالأبناء -إذًا- وأمهم داخلون في التقويم الإنساني المستمد من خصائص تلك النفس الواحدة، ونعتقد أن ليس ثمة نص في قديم أو حديث عالج -في إيجاز وإعجاز- تقرير إنسانية المرأة من جميع النواحي، وبأبعد الأعماق أصالة وبمختلف طرق التقدير والتعبير على مثل ما نجد في ذلك النظم القدسي الكريم {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}.
[٢ - التساوي في الجزاء الأخروي]
لقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الجزاء الأخروي، فالرجل إذا عمل صالحًا في دنياه فإنه يثاب عليه في الآخرة، وأمَّا إذا عمل غير ذلك فإنه يحاسب عليه أيضًا.
وكذلك الحال بالنسبة للمرأة، فهي مساوية للرجل تمامًا في ذلك دونما أي فارق بينهما في ذلك، دل على ذلك ما يلي: قال سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥)} (آل عمران: ١٩٥). وقال عز وجل: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (١٢٤)} (النساء: ١٢٤)، وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)} (التوبة: ٧٢)، وقال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)} (النحل: ٩٧)، وقال عز وجل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ