للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه لا يحمل على أحد ذنب غيره (١).

قال تعالى: ({إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ} أي لا يضيع جزاء من أحسن ولو بمثقال ذرة فدل على أن إضاعتها وترك المجازاة بها مع عدم ما يبطلها ظلم يتعالى الله عنه ومعلوم أن ترك المجازاة عليها مقدور يتنزه الله عنه لكمال عدله وحكمته ولا تحتمل الآية قط غير معناها المفهوم منها وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}، وقوله: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} مهو، فالله لا يعاقب العبد بغير إساءة ولا يحرمه ثواب إحسانه، ولا يحمل أحد في وزر غيره شيء، وأنه لا يستحق إلا ما سعاه وأن هذا هو العدل الذي نزه نفسه عن خلافه (٢).

الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليس كمثله شيء، فلا تماثل صفات الله وأفعاله صفات خلقه وأفعالهم

فسلف المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين المشهورون بالإمامة فيهم كالأربعة وغيرهم وأهل العلم بالكتاب والسنة متفقون على أن الله موصوف بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسله ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ولا يتأولون كلام الله بغير ما أراده ولا يمثلون صفات الخالق بصفات المخلوق بل يعلمون أن الله سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله بل هو موصوف بصفات الكمال منزه عن النقائص وليس له مثل في شيء من صفاته (٣).

الخامسة: أعمال العبد الصالحة هي من توفيق الله وليست ثمنًا ولا عوضًا

الله -عَزَّ وَجَلَّ- يتصرف في خلقه بالعدل لا بالظلم وبالإحسان لا بالإساءة وبالصلاح لا بالفساد، فهو يأمرهم وينهاهم إحسانًا إليهم وحمايةً وصيانةً لهم ولا حاجة إليهم ولا بخلًا عليهم، بل جودًا وكرمًا ولطفًا وبرًا، ويثيبهم إحسانًا وتفضلًا ورحمةً لا لمعاوضة


(١) منهاج السنة النبوية ٢/ ٣٠٤: ٣٠٩.
(٢) مفتاح دار السعادة ٢/ ٤٦١.
(٣) الجواب الصحيح ١/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>