للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسماء الموصولة كلها من صيغ العموم. (١)

فإذا حققت ذلك: فاعلم أن إفراد الضمير باعتبار لفظة الذي، وجمعه باعتبار معناها؛ ولهذا المعنى جرى على ألسنة العلماء أن الذي تأتي بمعنى الذين، ومن أمثلة ذلك في القرآن هذه الآية الكريمة، فقوله: {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} أي: كمثل الذين استوقدوا بدليل قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ} الآية، وقوله: {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} أي: كالذين ينفقون بدليل قوله إِلَيْكَ {لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا}، وقوله: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} بناء على الصحيح من أن الذي فيها موصولة لا مصدرية وفي كلام العرب قول الراجز:

يارب عبس لا تبارك في أحد ... في قائم منهم ولا في من قعد

إلا الذي قاموا بأطراف المسد. (٢)

[الوجه الثاني]

قد تُحذف النون من اسم الموصول (الذين)، كما قال أشهب بن رُمَيْلَة:

وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد (٣)

يعني: الذين. (٤)

ويجوز في هذا أن يكون مفردًا وُصف به مقدرٌ مفردُ اللفظِ مجموعُ المعنى؛ أي: وإن الجمع الذي، أو: إن الجيش الذي. (٥)


(١) صرح بذلك القرافي والقاضي عبد الوهاب وابن السمعاني وانظر: البحر المحيط قي أصول الفقه للزركشي ٢/ ٢٤٧.
(٢) دفع إيهام الاضطراب للشنقيطي ص ٩.
(٣) البيت لأشهب بن رميلة، كما نسبه له ابن جني في سر صناعة الإعراب ٢/ ٥٣٧، وابن منظور في لسان العرب ١٥/ ٢٤٦.
(٤) الصحاح للجوهري، مادة لذي ٦/ ٣٣١.
(٥) شرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين ٣/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>