للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن السنة الفعلية فقد أخذها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من مجوس هجر (١).

وأما الإجماع فقد أجمع الفقهاء على جواز أخذ الجزية في الجملة (٢).

ولا يجوز عقد الذمة المؤبدة إلا بشرطين:

أحدهما: أن يلتزموا إعطاء الجزية في كل حول.

والثاني: التزام أحكام الإسلام وهو قبول ما يحكم به عليهم من أداء حق أو ترك محرم لقول اللَّه تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} (٣).

[٤ - تاريخ تشريع الجزية في الإسلام.]

بعد أن تمّ فتح مكّة في أواخر السّنة الثّامنة للهجرة، ودخل النّاس في دين اللَّه أفواجًا، واستقرّت الجزيرة العربيّة على دين اللَّه تعالى - أمر اللَّه سبحانه وتعالى رسوله الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم- بمجاهدة أهل الكتاب من اليهود والنّصارى في قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} (التوبة: ٢٩) ولهذا جهّز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لقتال الرّوم، ودعا المسلمين إلى ذلك، وندب الأعراب الّذين يسكنون حول المدينة المنوّرة إلى قتالهم، فأوعبوا معه، واجتمع من المقاتلة نحو ثلاثين ألفًا، وتخلَّف بعض النّاس من أهل المدينة، ومن حولها من المنافقين وغيرهم.

وخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمن معه يريد الشّام في السّنة التّاسعة للهجرة، فبلغ تبوك ونزل بها، وأقام فيها نحوًا من عشرين يومًا يبايع القبائل العربيّة على الإسلام، ويعقد المعاهدات مع القبائل الأخرى على الجزية إلى أن تمّ خضوع تلك المنطقة لحكم الإسلام، وبعد أنَّ أخذها -صلى اللَّه عليه وسلم- من نصارى نجران ومجوس هجر أخذها من بعض القبائل اليهوديّة،


(١) أخرجه البخاري (٣١٥٨).
(٢) المغني (١٢/ ٧٥٦، ٧٥٧) بتصرف يسير، وانظر نهاية المطلب (١٨/ ٥).
(٣) المغني ١٢/ (٧٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>