للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ويحاول آخرون أن يقنعوا الناس عن طريق التماس الأعذار لتبرير وجود هذه الأخطاء والمتناقضات بالكتاب المقدس باللجوء إلى مناقشات معقدة بعيدة عن الموضوع لصرف الانتباه عن صميم المشكلة على أمل أن ما يستحيل قبوله عقليًا ومنطقيًا سيتم نسيانه في خضم المعلومات المعقدة غير ذات الصلة بالموضوع. (١) وسوف نتعرض لذلك بالمثال.

[٢ - (الأب دي فو) عرض جيد وموقف سيء]

أ- مدى وقوفه على أخطاء الكتاب المقدس:

في مقدمة ترجمته لسفر التكوين يتعرف بنفسه ويعترف بوجود هذه المشاكل المحرجة في نصوص سفر التكوين بل إنه يتوسع في شرح أبعادها وتوضيح وجاهتها وخطورتها.

ب- موقفه من هذه الأخطاء: وبالرغم من ذلك نجد أنه يبني موقفه إزاءها على أساس أن محاولتنا استعادة أحداث الماضي بدقة لا أهمية له.

إنه يكتب على سبيل المثال في ملاحظاته هذه في مقدمته ما نصه كما يلي: (إن حقيقة أن الكتاب المقدس قد عرض أوصافًا لسيل واحد أو طوفان واحد مدمر وقع في وادي نهر دجلة ونهر الفرات أو أكثر من طوفان، وإذا كان وصف التوراة لهذا الفيضان قد اعتراه كثير من المبالغة والتضخيم خلال تناقل وصفه على توالي الأجيال ليتخذ في النهاية شكل كارثة عالمية، فإن هذا لا يهم (٢)، ولكن المهم هو جوهر المسألة ومغزاها الذي يتمثل في أن كاتب النصوص المقدسة في هذا الصدد قد قام بتوظيف (٣) هذه الرواية عن الطوفان لتكريس وتأكيد التعاليم الخالدة التي مؤداها هو عدل الله ورحمته إزاء خبث الإنسان


(١) التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث صـ ٧٢.
(٢) وما هو المهم إذن بعد نسبة المبالغة والتضخيم وعدم المصداقية لكلام ينسب إلى الله جل وعلا.
(٣) الله يسمح بتدخل البشر في صياغة كلامه أهذا لعجز! ! أم لمكانة وإذا كان لمكانته عند الله فلماذا لا يؤيده بالحق كما سمح له بالتدخل في صياغة كلامه ورسالته إلى البشر بدلًا من أن يتركه يتخبط ثم إلى أي مدى يسمح للبشر بالتدخل في تغيير كلام الله أقول لو كان حقًّا كلام الله ما سمح بذلك سبحان الله وصدق الله إذ قال (لا مبدل لكلماته) الكهف ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>