للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ممن قتل عثمان، وقد سألهم عثمان الماء، وقد سألهم محمد بن أبي بكر أن يسقوه شربة من الماء، فقال معاوية: لا سقاني الله إن سقيتك قطرةً من الماء أبدًا؛ إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائمًا محرمًا، فتلقاه الله بالرحيق المختوم. (١)

ففي هذه الرواية فائدتان هامتان:

الأولى: أن معاوية وعده بالقصاص لأنه يرى أنه من قتلة عثمان، وأن معاوية بن حديج قتله وأجهز عليه لنفس السبب.

الثانية: أن عمْرًا بعث لمعاوية بن حديج أن لا يقتل محمد بن أبي بكر، وأن يبعث به إليه، ولكنه قتله. وبهذا يبرأ معاوية بن أبي سفيان من تهمة قتله لمحمد بن أبي بكر.

الوجه الثالث: أن الذي قتله، وأحرقه بالنار في هذه الروايات معاوية بن حديج وليس معاوية بن أبي سفيان، وهذا خطأ لا يقره الدين الإسلامي -لو صح- ولكنه لا يصح؛ لعدم ثبوت الإسناد كما سبق، ولورود ما هو أقوى مما يخالفه، وهو:

الوجه الرابع: عن عمرو بن دينار قال: أتي عمرو بن العاص بمحمد بن أبي بكر أسيرًا فقال: هل معك عهد؟ هل معك عقد من أحد؟ قال: لا فأمر به فقتل. (٢)

الوجه الخامس: أن هذا القتل وقع أثناء الحرب التي كانت بين فريقين من المسلمين وهذا أمر قدره الله تعالى وقد كان كل من الفريقين مجتهدًا متأولًا وقد سبق بيان ذلك والله أعلم.


(١) البداية والنهاية (٧/ ٣١٥). وأخرجه الطبري فقال: قال أبو مخنف فحدثني محمد بن يوسف بن ثابت الأنصاري عن شيخ من أهل المدينة به مطولا وفيه زيادات منكرة أيضا وقد حذفها ابن كثير -رحمه الله- مما يؤيد أن علماء التاريخ المنصفين يثبتون من كلام هؤلاء المؤرخين المتهمين في دينهم كأبي مخنف ما يناسب التاريخ، وأما ما يتصل بالدين فلا يقبلونه حتى لو جاء في ثنايا القصص التاريخي، والله أعلم.
(٢) أخرجه خليفة في التاريخ (١/ ٤٥)، فقال: حدثنا غندر قال: ثنا شعبة عن عمرو بن دينار به، وهذا صحيح، ولكنه مرسل عمرو بن دينار ثقة ثبت من الرابعة ولد في إمرة معاوية سنة خمس أو ست وأربعين. مات سنة ست، وعشرين ومائة كما في سير أعلام النبلاء (٥/ ٣٠٠)، والتقريب ت (٥٠٢٤)، ولا يعارض ما روته عائشة من قتل بن حديج لأخيها لجواز أن يأمر عمرو بن العاص بقتله فيقتله معاوية بن حديج.

<<  <  ج: ص:  >  >>