للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض بصورة واضحة، ومن قال بأن الأرض كروية يقصد بأن دحاها أي: بسطها ومدها.

قال الآلوسي: (دحاها)

أولًا بمعنى: بسطها ومدها لسكنى أهلها وتقلبهم في أقطارها من الدحو أو الدحى بمعنى البسط، وعليه قول أمية بن أبي الصلت:

وبث الخلق فيها إذ دحاها ... فهم قطانها حتى التنادي

ثانيًا: وقيل: دحاها سواها، وأنشدوا قول زيد بن عمرو بن نفيل:

وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا

دحاها فلما استوت شدها ... بأيد وارسي عليها الجبالا

والأكثرون على الأول، والظاهر أن دحوها بعد خلقها (١).

قلت: فقول أمية موافق معناه لما أتى به القرآن، ومن الممكن أن يكون أمية أخذ هذا المعنى من القرآن، فإن وفاته كانت مقاربة لوفاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال ابن حجر في ترجمة أمية بن أبي الصلت: والمعروف أنه مات التاسعة -أي: من الهجرة- ولم يختلف أصحاب الأخبار أنه مات كافرًا، وصح أنه عاش حتى رثى أهل بدر، وفي البخاري عن أبي هريرة مرفوعًا في حديث: (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) (٢).

سادسًا: حتى ولو كان هذا البيت صحيح نسبته إلى عمرو بن زيد، وحتى لو كان يقصد أن الأرض كروية فقد كان المشهور لدى العرب، بل ولدى النصارى واليهود -حيث تدعون أن محمدًا أخذ القرآن منهم- أن الأرض منبسطة وليست كروية؛ لأن هذا هو المشاهد بالعين المجردة لديهم، وكذلك هذا ما فهمه اليهود والنصارى من كتبهم المقدسة، حتى إن الكنيسة في فترة من الفترات حذرت وأنذرت كل من يقول: إن الأرض كروية.


(١) روح المعاني (٢٢/ ١٤٧ - النازعات: ٣٠).
(٢) الإصابة (١/ ٢٥٠ - (باب الألف بعدها اليم) في ترجمة أمية)، وانظر: بحث مصادر القرآن في هذه الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>