٢ - عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُولُ:"لا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا الله". (١)
ثالثًا: العقل والفطرة.
فإنه من المعلوم لدى العقلاء أن الذي يقدر أن يخلق السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن عالم بكل شيء قبل خلقه لهذه الأشياء، وأن علمه للغيب والشهادة لا يملكه مخلوق سواء أكان ملكًا مقربًا أو نبيًّا مرسلًا إلا من أطلعه الله تعالى على بعض هذه الغيبيات. فيستحيل في العقول السليمة أن يساوي علم المخلوق علم الخالق، فضلا عن أن يفوقه.
هذه الآية خبر من الله تعالى تدل على علمه بالغيب وليس نفي علم الغيب عنه، وذلك أن علم الله تعالى بالمؤمنين أنهم يستطيعون أن يغلبوا أكثر بما يعادل أن يغلب الواحد عشرة أفراد، لكن قد يكون هذا شاقًا عليهم، وإن كانوا يستطيعون ذلك فخفف الله تعالى عنهم فصار الأمر أن لو فر رجل من أكثر من اثنين فلا لوم عليه في ذلك. أما إذا كان الوضع كما هو الحال الأول، فإن الواحد لو فر من عشرة فيأثم لذلك.