للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثالث: تحريم الإسلام للمثلة.]

فقد كانت وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- للجند في الحرب بالنهي عن المثلة، وكان يقول: "اغْزُوا بِاسْمِ الله فِي سَبِيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، ولَا تَمْثُلُوا". (١)

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي سَرِيَّةٍ فَقَالَ: "سِيرُوا بِاسْمِ الله وَفِي سَبِيلِ الله قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَقْتُلُوا وَليدًا". (٢)

قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على القول بهذا الحديث، ولم يختلفوا في شيء منه، فلا يجوز عندهم الغلول، ولا الغدر، ولا المثلة، ولا قتل الأطفال في دار الحرب. (٣)

عن عَبْدَ الله بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِي قَالَ: نَهَى النبي - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النُّهْبَي وَالْمثْلَةِ. (٤)

[الوجه الرابع: بيان حول معاملة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأسرى]

فكيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعامل الأسرى في حال الاحتفاظ بهم؟

لقد كانت القاعدة العامة التي حَثَّ عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أوّل غزوة غنم فيها المسلمون أسرى هي: استوصُوا بهم -أي بالأسرى- خيرًا، لكن المهم في الأمر أن هذه المعاملة الحسنة التي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأسرى لم تكن مجرّد قوانين نظرية، ليس لها تطبيق في واقع الحياة؛ ولكنَّها تمثّلت في مجموعة من المظاهر التي تنبئ عن قلوب ملأتها الرحمة، وعن مشاعر فاضت بالعطف والحنان، وسوف نتناول -إن شاء الله- هذه


(١) مسلم (١٧٣١).
(٢) حسن. أخرجه أحمد ٤/ ٢٤٠، وابن ماجه (٢٨٥٧)، والنَّسَائي في الكبري (٨٧٨٦) عن أَبي روق عطية بن الحارث الهَمداني، حدثني أبو الغَريف عُبيد الله بن خَليفة، عن صفوان به، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (٢٣٠٦).
(٣) التمهيد ٢٤/ ٢٣٣.
(٤) البخاري (٢٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>