يقول المعترض: لماذا لم يجعل تعدد الزوجات بيد القاضي حتى يتأكد من وجود ضوابط التعدد عند الرجل؟
والجواب على هذه الشبهة من هذه الوجوه.
[الوجه الأول]
إن اللَّه تعالى أناط بالراغب في الزواج وحده تحقيق شرطي التعدد فهو الذي يقدر الخوف من عدم العدل لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.
فإن الخطاب فيه لنفس الراغب في الزواج، لا لأحد سواه من قاضٍ أو غيره، فيكون تقدير مثل هذا الخوف من قبل غير الزوج مخالفًا لهذا النص، وكذلك البحث في توافر القدرة على الإنفاق، فإنه منوط بالراغب في الزواج لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، فهو خطاب للأزواج لا لغيرهم.
[الوجه الثاني]
إن إشراف القاضي على الأمور الشخصية أمر عبث؛ إذ لا يطلع على السبب الحقيقي، ويخفى الناس عادة عليه ذلك السبب، فإن اطلع على الحقائق كان اطلاعه فضحًا لأسرار الحياة الزوجية وتدخلًا في حريات الناس، وإهدارًا لإدارة الإنسان وخوضًا في قضايا ينبغي توفير وقت القضاة لغيرها ومنعًا وأمرًا في غير محله فالزواج أمر شخصي بحت يتفق فيه الزوجان مع أولياء المرأة، لا يستطيع أحد تغيير وجهته وتبديل قيمه، وإن أسرار البيت المغلقة لا يعلم بها أحد غير الزوجين. (١)
[الشبهة الرابعة.]
يقول المعترض: لماذا تعدد الزوجات للرجال؟ ولم يجز تعدد الأزواج للنساء؟
والجواب على هذه الشبهة من هذه الوجه:
(١) الفقه الإسلامي وأدلته لوهبه الزحيلي (٧/ ١٧٢، ١٧٣)، وانظر الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية لزكي الدين شعبان (١٩٦).