دارت هذه الشبهة على بعض الاعتراضات من القرآن والسنة، وأيضًا بعض الاعتراضات العقلية ستذكر في محلها عند الجواب عليها، وقبل إبداء هذه الشبه نجيب بجواب مجمل فنقول:
[حماية رب العالمين الأموال والأعراض من انتهاب المعتدين]
لما كان المال سلطانًا قويًا في نفوس الناس، وكان له منهم جهد مبذول في جمعه، ثم لما كان وجود الناس في هذه الحياة رهن بما يملكون فيها من مال ومتاع، حيث لا تقوم حياتهم إلا على الطعام، والشراب، والكساء، والمسكن ونحو هذا، لما كان ذلك كذلك؛ فقد اقتضت حكمة اللَّه تعالى أن يقيم الناس على شريعة ذات سلطان وازع، يأمنون به على ما يملكون من عدوان أهل البغي والعدوان، وفي ظل هذا الأمن يعمل العاملون، ويجنون ثمرات ما يعملون.
فإذا كانت شريعة الإِسلام قد حذرت من طغيان المال وفتنته؛ فإن ذلك لا يعني أن الشريعة عدو المال، وإنما هي عدو له حين يصبح في يد أصحابه سلطانًا طاغيًا، وشيطانًا مريدًا تستباح به الحرمات، ويذهل أصحابه عن الحقوق المتعلقة في هذا المال لذوي القربى، واليتامى والمساكين وابن السبيل، وللجهاد في سبيل اللَّه بالنفس، وبالسلاح، والمؤن، والعتاد، للمجاهدين. . .، . . .، وإنه ما أكثر أن تتحول النعم إلى نقم في أيدي كثير من الناس. . .، وما أكثر الذين آتاهم اللَّه تعالى من المال ووسع عليهم من الرزق، فطغوا، وبغوا، ونسوا فضل اللَّه، وكفروا به، فساقهم هذا النسيان وذلك الكفر إلى محاربة اللَّه تعالى بالمعاصي والعدوان على غيرهم بالسرقة، أو الغصب، أو النهب، ثم إنه ما أكثر أولئك الذين فترت هممهم وخارت عزائمهم، فناموا في ظل الكسل والعجز، وزين لهم الشيطان أن يتربصوا بالعاملين وما وقع لأيديهم من ثمرات العمل من مال، فتسلطوا عليهم بالسرقة وسلب ما يقع لأيديهم من مال الناس ومتاعهم، ولهذا رصد اللَّه تعالى لمن