للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتدون على أموال الناس عقوبة رادعة، يلقاهم الناس بها في هذه الحياة الدنيا, ولهم عذاب أليم من اللَّه في الآخرة، وفي هذا يقول اللَّه تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)} (المائدة: ٣٨) (١).

أي: مجازاة على صنيعهما السيئ في أخذهما أموال الناس بأيديهم فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك {نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} أي: تنكيلًا من اللَّه بهما على ارتكاب ذلك {وَاللَّهُ عَزِيزٌ}، أي: في انتقامه {حَكِيمٌ} أي: في أمره ونهيه وشرعه وقدره (٢).

ومعناها أيضًا: لا ترثوا لهم أن تقيموا فيهم الحدود، فإنه واللَّه ما أمر اللَّه بأمر قط إلا وهو صلاح، ولا نهى عن أمر قط إلا وهو فساد، وكان عمر بن الخطاب يقول: اشتدوا على السُّراق فاقطعوهم يدًا يدًا، ورجلًا رجلًا، وقوله {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} يقول -جل ثناؤه-: واللَّه عزيز في انتقامه من هذا السارق والسارقة وغيرهما من أهل معاصيه، حكيم في حكمه فيهم وقضائه عليهم، يقول: فلا تفرطوا أيها المؤمنون في إقامة حكمي على السراق وغيرهم من أهل الجرائم الذين أوجبت عليهم حدودًا في الدنيا عقوبة لهم، فإني بحكمي قضيت ذلك عليهم، وعلمي بصلاح ذلك لهم ولكم (٣).

فوضع عقوبة قطع اليد للسارق تعتبر بحق رادعة زاجرة، تقتلع الشر من جذوره، وتقضي على الكريمة في مهدها وتجعل الناس في أمن, وطمأنينة، واستقرار.

وأعداء الإنسانية يستعظمون قتل القاتل، وقطع يد السارق، ويزعمون أن هؤلاء المجرمين ينبغي أن يحظوا بعطف المجتمع؛ لأنهم مرضى بمرض نفساني، وأن هذه العقوبات الصارمة لا تليق بمجتمع متحضر يسعى لحياة سعيدة كريمة، إنهم يرحمون المجرم من


(١) الحدود في الإِسلام. عبد الكريم الخطيب (٦٢ - ٦٣).
(٢) تفسير ابن كثير (٥/ ٢١٤).
(٣) تفسير الطبري (٤/ ٢٢٩ - ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>