للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستطيع أن يتحمل أعباء الحياة؟ والمرأة كما هو معروف عنها ترجح جانب العاطفة على جانب العقل وسريعة الاغترار كما بينا من قبل.

ومن هذا يتضح أن المرأة إذا رضيت رجلًا كفئا، فليس لوليها أن يمنعها من التزويج به، ولو أصر على الامتناع يسقط اعتبار إذنه، ويزوجها وليٌ آخر غيره.

الوجه الخامس: وأخيرًا كلمة إنصاف في هذه المسألة لكل العقلاء.

ولعله قد تبين من مجموع ما سبق كله أن موضوع الولي في الإسلام لم يُشرع ليكون حجرًا على المرأة في اختيار شريك حياتها، أو عضلها عن ذلك، أو امتهانًا لكرامتها، وعقلها، وانتقاصًا منها، وزراية عليها -كما يغلط بذلك معارضون- إنما قد شرع لنقيض ذلك كله من حفظ حياء المرأة، وإعزازها، ومساندتها في أهم العقود والتصرفات المتصلة بها، وإرشادها في ذلك كله ومعاونتها لمزيد الاهتمام بها، مع أنه -بجوار هذه المكاسب لهما- لا ضرر عليها مطلقًا منه، ولا تعطيل لمصالحها، ولا إهدار. وإذا وازن المنصفون بين هذه المكاسب التي تتبدى من الفهم المتكامل الذي قدمناه في مجموع النصوص، وبين ما قد تتعرض له المرأة من تأخير زواجها وقتًا ما حتى يستفسر الولي عنه، ونحو ذلك، لرجح جانب مصلحتها في هذا الفهم رجحانًا عظيمًا، ولمثل هذا وجه هام من وجوه تكريم الإسلام للمرأة، وعنايته العظمى بمصالحها. (١)

يقول د/صابر أحمد طه (٢): لقد زعم بعض المستشرقين أن الإسلام لم يكن منصفًا حينما قيد حرية المرأة في جميع أطوار حياتها، ولم يعطها الحق في أن تتصرف فيما تريد كيفما تشاء.

وللرد على هذا الزعم أقول:

لقد ذكرتُ أن الإسلام أعطى للمرأة الحق في قبول أو رفض منْ جاء يطلب يدها، ولا حق لوليها أن يُجبرها على قبول من لا تريد، وأن يمنعها أن تتزوج من رضيته من أهل


(١) مكانة المرأة في القرآن الكريم، والسنة الصحيحة (٤٨٧).
(٢) نظام الأسرة في اليهودية والنصرانية والإسلام (٢١٥ - ٢١٨) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>