للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: وأجمعوا أن السلطان يُزَوِّجُ المرأة إذا أرادت النكاح أودعت إلى كفء، وامتنع الولي من أن يزوجها. (١)

قال النووي: ولو أرادت أن تتزوج كفؤًا فامتنع الولي، أُجبر، فإنْ أصرَّ زَوَّجها القاضي. (٢)

وذلك لأن الإسلام اشترط لصحة عقد الزواج اجتماع إرادتين، وهما إرادة الولي، وإرادة المرأة، وهذا لا يخلو من الصور الآتية:

الصورة الأولى: أن تجتمع الإرادتان معًا، إرادة الولي، وإرادة موليته، وفي هذه الحالة يصح العقد، بشرط أن يباشر الولي عقد التزويج.

الصورة الثانية: أن الولي وحده راضٍ عن الخاطب، بيد أن المرأة غير راضية به.

وفي هذه الحالة لا يستطيع الولي أن يجبرها على تزويجها بمن لا تريده.

الصورة الثالثة: أن ترضي المرأة -بكرًا كانت أم ثيبًا-؛ رجلًا -كفؤًا بمقياس الشريعة- تريد أن تتزوج منه، ولكن وليها يعضلها فيرفض أن يجلس معه في مجلس العقد، ليزوجه إياها، فما الحكم؟ .

وفي هذه الصورة يسقط إذن الولي في هذه الحالة إذا أصر على الامتناع وتنتقل الولاية لغيره وتُزَوَّجُ بمن تريد إذا كان كفؤًا.

الصورة الرابعة: أن يكون الذي رضيته المرأة وطلبت من وليها تزويجه منها غير كفءٍ بمقياس الشريعة في الكفاءة، فما الحكم؟

وهنا يكون للولي أن يمتنع من تزويجها، ولا يجوز لها أن تتزوج في هذه الصورة بدون إذن وليِّها، ولا يقال: إن الولي يعدُّ في هذه الصورة حجرًا على المرأة في اختيار من تريد الزواج به؛ لأن مصلحة المرأة في هذه الصورة تقتضي منع هذا التزويج، فأي مصلحة تعود على المرأة لو زوجت من غير كفءٍ كأن يكون مثلًا غير متدين، أوليس عنده مال، ولا


(١) شرح البخاري ٧/ ٢٤٩: ٢٤١.
(٢) شرح مسلم ٩/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>