معاوية المدينة فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل حجر في كلام طويل جرى بينهما ثم قال: فدعيني وحجرًا حتى نلتقي عند ربنا. (١)
[الوجه الرابع: أن معاوية -رضي الله عنه- لم يقتلهم على الفور من غير تبين وشهود واستخارة.]
أما قضاء معاوية -رضي الله عنه- في حجر -رضي الله عنه- وأصحابه فإنه لم يقتلهم على الفور، ولم يطلب منهم البراءة من علي -رضي الله عنه- كما تزعم بعض الروايات، بل استخار الله سبحانه وتعالى فيهم، واستشار أهل مشورته، ثم كان حكمه فيهم أن قتل بعضهم، واستحيي بعضهم، والعمدة في ذلك ما يرويه صالح بن أحمد بن حنبل بإسناد حسن، قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا ابن عياش، قال: حدثني شرحبيل بن مسلم، قال: لما بُعِث بحجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان، استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير، ومنهم الساكت، فدخل معاوية منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه، ثم جلس على منبره، فقام المنادي فنادى: أين عمرو بن الأسود العنسي؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا إنا بحصنٍ من الله حصينٍ لم نؤمر بتركه، وقولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية، ألا وأنت أعلمنا بدائهم، وأقدرنا على دوائهم، وإنما علينا أن نقول:{سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}(البقرة: ٢٨٥).
فقال معاوية: أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم، ورمى بها ما بين عيني معاوية. ثم قام المنادي فنادى: أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد؛ فلا والله ما أبغضناك منذ أحببناك، ولا عصيناك منذ أطعناك، ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتنا منذ بايعناك، سيوفنا على عواتقنا، إن أمرتنا أطعناك، وإن دعوتنا أجبناك، وإن سبقناك نظرناك. ثم جلس.
ثم قام المنادي فقال: أين عبد الله بن مِخْمَر الشرعبي؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق؛ إن تعاقبهم فقد أصبت، وإن تعفو فقد أحسنت. فقام المنادي فنادى: أين عبد الله بن أسد القسري؟ فقام فحمد الله