تلك هي عبارة دستور إيمان النصارى بالمسيح بحروفها، وهي -كما نرى- صريحة في النص على إلهية المسيح وأنه إله حق غير مخلوق -أي أزلي بلا بداية- وأنه مساو للآب في جوهريته: أي في ألوهيته. وعليه فدستور الإيمان هذا، حسب ظاهره، يؤدي للقول بتعدد الآلهة، باعتباره يثبت الغيرية بين الآب (الله) والابن (المسيح) من جهة، مع تأكيده بنفس الوقت على إلهية كل منهما وتساويههما في الألوهية.
إذن صار عندنا إلهان اثنان! وهذا يتناقض بظاهره مع إيمان المسيحية القاطع بوحدانية الله، لذا لا بد من تفصيل تلك العقيدة المجملة، وبيان شرح مختلف فرق النصارى لها، لتتضح حقيقة ما يعتقده النصارى حول المسيح وعلاقته بالله عز وجل حسبما جاء في كتب عقائدهم وتقريرات لاهوتييهم.
ثانيًا: شرح موجز العقيدة: يعتقد الجمهور الأعظم من النصارى أن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاث، والأقنوم لفظة يونانية تعني الشخص، وهذه الأقانيم أو الأشخاص الثلاث هي:
١ - شخص الآب، وهو الخالق لكل شيء والمالك والضابط للكل.
٢ - وشخص ابنه، المولود منه أزلًا المساوي لأبيه في الألوهية والربوبية لأنه منه.
٣ - وشخص الروح القدس، وهذه الأقانيم الثلاثة متحدة في الجوهر والإرادة والمشيئة، إلا أن هذا لا يعني أنها شخص واحد بل هم أشخاص ثلاثة، كل واحد منهم إله كامل في ذاته غير الآخر، فالاب إله كامل، والابن إله كامل غير الآب، وروح القدس أيضًا إله كامل غير الآب والابن، ولكن مجموع الثلاثة لا يشكل ثلاث آلهة -كما هو مقتضى الحساب! - بل يشكل إلهًا واحدًا، ويعترفون أن هذا لا سبيل لفهمه وإدراكه بالعقل ويسمونه "سرّ التثليث".
ثم يعتقدون أن الأقنوم الثاني لله، أي أقنوم الابن، هو الذي تجسد وصار إنسانًا حقيقيًّا،