للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الخامس: هل ثبت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نكح امرأة بلا ولي؟

إذا ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يدخل بامرأة وهبت نفسها له إلا ميمونة وتقدم أن وليها كان العباس فهل ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نكح امرأة بلا ولي؟

الجواب: أنه قد ثبت أن جميع زوجات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- زوجهن أولياؤهن، ودليل ذلك حديث أنس -رضي اللَّه عنه- قال: جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول "اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك". (١)

قال أنس: لو كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كاتمًا شيئًا لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني اللَّه تعالى من فوق سبع سماوات.

قال ابن حزم: فهذا إسناد صحيح بين أن جميع نسائه -عليه السلام- إنما زوجهن أولياؤهن حاشا زينب رضي اللَّه تعالى عنها فإن اللَّه تعالى زوجها منه -صلى اللَّه عليه وسلم-. (٢)

الوجه السادس: أننا لو سلمنا أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوج امرأة بغير ولي فلا تعارض البتة بين ذلك وبين نهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النكاح بغير ولي.

وذلك من خلال نقطتين:

الأولى: أن اشتراط الولي إنما كان لأجل الكفاءة، ولا أكفأ في الناس من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الإمام الشافعي: لا أعلم في أن للولاة أمرًا مع المرأة في نفسها شيئًا جعل لهم أبين من ألا تزوج إلا كفؤً. (٣)

وقال ابن عساكر: وجاز له النكاح من غير ولي ولا شهود على الصحيح لأن الولي يراد لتحصيل الكفاءة، ولا كفء أكفأ منه -صلى اللَّه عليه وسلم-. (٤)


(١) البخاري (٧٤٢٠)
(٢) المحلى (٩/ ٤٥٨).
(٣) الأم (٦/ ٣٩).
(٤) الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين صـ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>