للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَاةً وَنَفْسًا وَكُلَّ شَيْءٍ. وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ المُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ، لِكَيْ يَطْلُبُوا الله لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا. لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كما قَال بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أيضًا: لأَنَّنَا أيضًا ذُرِّيَّتُهُ. فَإِذْ نَحْنُ ذُرِّيَّةُ الله، لَا يَنْبَغِي أَنْ نَظُنَّ أَنَّ اللَّاهُوتَ شَبِيهٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَجَرِ نَقْشِ صِنَاعَةِ وَاخْتِرَاعِ إِنْسَانٍ. فَالله الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمنَةِ الجهْلِ. ٣١ لأنَّهُ أقامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ المسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيّنهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أقامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ".

قلت: فقد تكلم كلامًا جميلًا عن الله تعالى، ولم يأت بكلمة على أن المسيح كان هو ذاك الله الذي تكلم عنه، بل على العكس، قال: إن الله أقام رجلًا (أي إنسانًا) ليدين العالم عن طريقه، وأماته ثم بعثه ليجعله عَلَمًا ودليلا على يوم القيامة، وهكذا نلاحظ التمايز والفصل التام بين الله في وحدانيته والمسيح.

[القسم الثاني: أقوال بولس الواضحة في توحيد الأفعال، وفي توحيد العبودية أي صرف كل مظاهر العبادة مثل الصلاة والدعاء والشكر والحمد والثناء والاستغاثة والالتجاء لله الآب وحده دون غيره]

١ - يقول بولس في رسالته إلى أهل فيليبي (٤/ ٦ - ٧): "لَا تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى الله. ٧ وَسَلَامُ الله الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي المسِيحِ يَسُوعَ".

قلت: فطلب الحوائج والصلاة والدعاء والشكر يجب رفعها لله تعالى، ؛ لكي ينزل الله سكينته على المؤمنين بواسطة المسيح، ولكي يثبت قلوبهم -في المصاعب- على الإيمان، والثقة بالمسيح ومحبته.

٢ - ويقول في رسالته إلى أهل أفسس (٣/ ١٤ - ٢٥): "بِسَبَبِ هذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ المسِيحِ، ١٥ الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. ١٦ لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ، أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، ١٧ لِيَحِلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>