إن سأل سائل فقال: هل يمكن أن يعرف إعجاز القرآن من جهة ما تضمنه من البديع؟ قيل: ذكر أهل الصنعة، ومن صنف في هذا المعنى من صفة البديع ألفاظًا نحن نذكرها، ثم نبين ما سألوا عنه؛ ليكون الكلام واردًا على أمر مبيّن، وباب مقرّر مصوّر.
وقد يكون البديع في الكلمات الجامعة الحكيمة، كقوله:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩]، وفي الألفاظ الفصيحة: كقوله: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}[يوسف: ٨٠].
وفي الألفاظ الإلهية: كقوله: {وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ}[النمل: ٩١]، وقوله:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}[النحل: ٥٣]، وقوله:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[غافر: ١٦]، ومن التشبيه الحسن في القرآن قوله تعالى:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، وقوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)} [الصافات: ٤٩]. (١)
[أمثلة من القرآن على إتيانه بأنواع البلاغة المختلفة، وبيان سبب إتيان القرآن بها]
قال الباقلاني: فأما الإيجاز: فإنما يحسن مع ترك الإخلال باللفظ والمعنى؛ فيأتي باللفظ القليل الشامل لأمور كثيرة، وذلك ينقسم إلى حذف وقصر: