للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك قصة الرق في أوربا حتى القرن العشرين: رق الرجال والنساء والأمم والأجناس. رق متعدد النابع متجدد الموارد، في غير ضرورة ملجئة، اللهم إلا خسة الغرب وهبوطه عن المستوى اللائق لبني الإنسان. (١)

الوجه الحادي عشر: حسن معاملة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمين مع الرقيق والأسرى.

أحوال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مع الرقيق

[- قبل البعثة]

- فإن في ذلك دلالة واضحة على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مستقرًا في نفسه أهمية تحرير العبيد من قيود الرق، وأن تقييد الحرية بالرق بغير حق لم يكن ذلك من صفته -صلى اللَّه عليه وسلم-.

عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا- أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (٢).

فإن زيد بن حارثة أنعم اللَّه عليه بالإسلام، وأنعم عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن أعتقه من الرق، وكان من سبي الجاهلية اشتراه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجاهلية وأعتقه، لذلك قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}. (٣) ولقد اختار من قبل الرق مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على حريته وقومه.

[بعد البعثة]

والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنَّ على أهل مكة، فإن الأسير يجوز المن عليه للمصلحة، وأعطاهم مع ذلك ذراريهم وأموالهم، كما مَنَّ على هوازن لا جاؤوا مسلمين بإحدى الطائفتين: السبي أو المال، فاختاروا السبي فأعطاهم السبي، وكان ذلك بعد القسمة، فعوض عن نصيبه من لم يرض بأخذه منهم، وكان قد قسم المال فلم يرده عليهم، وقريش لم تحاربه كما حاربته


(١) شبهات حول الإسلام (١/ ٥٠٥٢، ٥١).
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٠٩).
(٣) فتح القدير (٤/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>