التحرير: تخليص من استحقت منافعه لغيره أن تكون له، فإذا لم يكن فيه منافع لم يتصور وجود التحرير. (١)
قال عبد اللَّه ناصح علوان: وسبق أن ألمحنا أيضًا أن الإسلام قبل أن يحرر الرقيق من عالم الواقع حرره من داخل النفس وأعماق الضمير لكي يحس بكيانه وكرامته فيطلب بنفسه الحرية، وحينما يطلبها يجد التشريع خير ضامن لهذه الحرية وخير كافل لتحقيقها، وهذا ما بيناه مفصلًا في العتق بالمكاتبة.
و(إبراهام لنكولن) خير شاهد لما نقول، فالعبيد الذين حررهم (لنكولن) من الخارج بالتشريع لم يطيقوا الحرية وعادوا إلى سادتهم يرجونهم أن يقبلوهم عبيدًا كما كانوا، لأنهم من الداخل في الضمير لم يكونوا تحرروا بعد، ولم يكونوا استشعروا بلذة الآدمية وكرامة الإنسانية بتحريرهم الفجائي.
بينما الإسلام يختلف كثيرًا عن الأنظمة الاجتماعية الأخرى في معاملة الرقيق، فالإسلام يعامل الرقيق في ظل عبوديته معاملة إنسانية سمحة حتى إذا تذوق هذه المعاملة واستشعرها طالب بحريته في ظل التشريع وخرج من عبوديته، وهو أكرم إنسانًا، وأسمى شعورًا ووجدانًا، وأفضل كرامة وكيانًا، وهنا تتجلى الحكمة في إبقاء الإسلام الرقيق على الرق ريثما يحس بوجوده ويستشعر بكيانه، فعندئذ يطالب عن طريق المكاتبة بحريته في الوقت الذي يريد وفي الحال الذي يناسبه، من أجل هذا الاعتبار لم يلغ الإسلام الرق نهائيًا بمرسوم فاصل ونص قاطع.
[أما الاعتبارات الاجتماعية]
فقد يكون في وجود الرق أحيانًا مصلحة اجتماعية كبرى كأن يكون وجوده تطهير المجتمع من فوضى الجنس والإباحية، وتيارات اليوعة والانحلال، فمن لم يستطع الزواج من حرة مثلًا لغلاء المهر تزوج من أَمَة أو ملك يمين اشتراها، ليشبع غريزته من حلال