للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان قصد متى من هذه الأحداث الخرافية أن يبين أن موت يسوع كان عملًا من صنع الله". (١)

ومما يدل على كذب كاتب إنجيل متى في هذه الزيادة، أن نتأمل أثر ظهور هذه العجائب في الأحداث التالية، فلو وقع ما ذكره متى لما تجرأ اليهود على الرجوع إلى بيلاطس، وطلب حراسة القبر، ولو وقعت هذه الأحداث الخرافية لما تجاسر قيافا أن يصف المسيح وقتئذ بالمضل، ولانتقم منهم بيلاطس، بل وعامة اليهود، ولآمن كثيرون بالمسيح، كما آمن كثيرون في أعجوبة أقل من ذلك، حين نزل روح القدس على التلاميذ، فآمن ثلاثة آلاف شخص. (انظر أعمال ٢/ ٤٠ - ٤١)، وما ذكره متى من عجائب تزامنت مع موت المسيح أعظم من ذلك.

ثم ماذا عن هؤلاء الأموات؟ هل عادوا بأكفانهم؛ أم حفاة عراة؟ ومع مَن تكلموا؟ هل كان خروجهم حزنًا عليه أم نصرة له؛ أم فرحًا به؟ ثم كم عاشوا؟ وكيف ماتوا؟ ومتى؟ .

٩ - وانفرد يوحنا بذكر وجوده إلى جوار المسيح، وأم المسيح معه وقت الصلب (يوحنا ١٩/ ٢٥ - ٢٦)، وأمر كهذا لا يتصور أن تغفله الأناجيل لو كان حقًّا، كما لا يمكن تصور أن الجند يسمحون لذوي المسيح من الاقتراب منه وهو على الصليب، وهم الذين أنكر بطرس بين أيديهم معرفة المسيح ثلاث مرات، لخوفه من بطشهم. (٢)

[المبحث الثاني: إبطال صلب المسيح بنبوءات التوراة]

[المطلب الأول: أهمية النبؤات في التوراة بالنسبة للمسيحيين]

تحتل النبوءات في الفكر المسيحي مكانة سامقة، جعلت بعض النصارى يشترطون لصحة النبوة أن يسبقها نبوءة.

وحادثة صلب المسيح - كما يعتبرها النصارى - أحد أهم أحداث المعمورة، فكان لابد وأن يتحدث عنها الأنبياء في أسفارهم، وأن يذكرها المسيح لتلاميذه.


(١) انظر: الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن باجي البغدادي (٤٤١ - ٤٤٧)، المسيحية الحقة التي جاء بها المسيح، علاء أبو بكر، صـ (٢٦٤، ٣٠٠ - ٣٠١)، المسيح في مصادر العقائد السيحية، أحمد عبد الوهاب، صـ (١٧٤).
(٢) انظر: هل افتدانا المسيح على الصليب؟ (٢١ - ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>