للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى. والله أعلم (١).

الدليل الثالث عشر: يثبت أن عيسى مولودًا وقاه الله شر الشيطان عند الولادة، فلو كان إلهًا لوقى نفسه، وأيضًا قد سبق أن الإله لم يلد ولم يولد:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد؛ فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها". ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: ٣٦]. (٢)

قال القرطبي: هذا الطعن من الشيطان، هو ابتداء التسليط فحفظ الله مريم وابنها منه ببركة دعوة أمها حيث قالت: إني أعيذها بك، وذريتها من الشيطان الرجيم، ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى (٣)، وأيضًا هذه فضيلة ظاهرة، وظاهر الحديث اختصاصها بعيسى وأمه، واختار القاضي عياض أن جميع الأنبياء يتشاركون فيها. (٤)

[الدليل الرابع عشر: وفيه أن عيسى يهتم بالتبليغ عن الله تعالى]

عن الحارث الأشعري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنه كاد أن يبطئ بها فقال عيسى -عليه السلام- إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم، وإما أنا آمرهم فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي، أو أعذب، فجمع الناس في بيت المقدس، فامتلأ المسجد، وتعدوا على الشرف، فقال إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئًا، وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب، أو ورق فقال: هذه داري، وهذا عملي فاعمل، وأد إلي، فكان يعمل، ويؤدي إلى غيره سيده فأيكم يرضي أن يكون عبده كذلك؟ وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب


(١) شرح مسلم للنووي (١/ ٤٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٤٨).
(٣) فتح الباري (٦/ ٤٧٠).
(٤) شرح مسلم للنووي (١٥/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>