للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكثرون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحبسهم بالمدينة حتى استشهد. لفظهم سواء، فيكون هذا من باب تثبت عمر - رضي الله عنه - في الحديث، وهذه الرواية تثبت أنه لم يزج بهم في السجن، واستبقاهم في المدينة، ريثما يتثبت من لفظهم؛ فإن صح هذا فلا ضير عليهم.

ومما يؤكد لنا أنه لم يحبس أحدًا -وهو ما استنبطناه من مناقشة الروايات السابقة- ما رواه الرامهرمزي، عن شيخه ابن البري من طريق سعد بن إبراهيم، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، حبس بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم ابن مسعود، وأبو الدرداء، فقال: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال أبو الله بن البري: يعني منعهم الحديث، ولم يكن لعمر حبس (١).

فقد فسر ابن البري الخبر تفسيرًا جيدًا، وإن كان مقتضبًا، فهو يريد أنه منعهم من كثرة الحديث، خوفًا من ألا يتدبر السامعون كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا كثُر عليهم (٢).

[بالنسبة لقوله: ما كنا نستطيع أن نقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض عمر.]

والرد على ذلك من هذه الوجوه:

[الوجه الأول: هذه الآثار لا تصح عن أبي هريرة.]

أولًا: قوله: (ما كنا نستطيع أن نقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض عمر) (٣).

ثانيًا: قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: لما ولي عمر قال أقلوا الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا فيما يعمل به.

قال: ثم يقول أبو هريرة: أفإن كنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي؛ أما والله إذا لألفيت المخفقة ستباشر ظهري (٤).

ثالثًا: أن أبا هريرة كان يقول: إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر أو


(١) المحدث الفاصل (١/ ٥٥٣).
(٢) السنة قبل التدوين (صـ ١٠٨) وما بعدها.
(٣) ضعيف. أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٤٤ من طريق محمد بن عيسى، قال: أنا يزيد بن يوسف، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أبي سلمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: الحديث، وفيه صالح بن أبي الأخضر: ضعيف كما في التقريب (١/ ٢٤٨). يزيد بن يوسف: ضعيف أيضًا التقريب (٢/ ٦٧٧).
(٤) ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٠٤٩٦) عن معمر، عن الزهري قال: قال أبو هريرة. فيه الزهري: لم يسمع من أبي هريرة، وإنما روى عنه مرسلًا، تهذيب الكمال ٢٦/ ٤٢٦، جامع المحاصيل للعلائي (صـ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>