للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - في قوله: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}.

قال الآلوسي: أي ولا يسأل بعضهم بعضًا عن حاله؟ وممن هو؟ ونحو ذلك لاشتغال كل منهم بنفسه عن الالتفات إلى أبناء جنسه؛ وذلك عقيب النفخة الثانية من غير فصل أيضًا فهو مقيد بيومئذ وإن لم يذكر بعده اكتفاء بما تقدم، وكان كلا الحكمين بعد تحقيق أمر تلك النفخة لديهم، ومعرفة أنها لماذا كانت وحينئذ يجوز أن يقال: إن قولهم {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} قبل تحقق أمر تلك النفخة لديهم فلا أشكال.

ويحتمل أن كلا الحكمين في مبدأ الأمر قبل القول المذكور كأنهم حين يسمعون الصيحة يذهلون عن كل شيء الأنساب وغيرها كالنائم إذا صيح به صيحة مفزعة فهب من منامه فزعًا ذاهلًا عمن عنده مثلًا، فإذا سكن روعهم في الجملة قال قائلهم: من بعثنا من مرقدنا. وقيل: لا نسلم أن قولهم: مَنْ بعثنا مِنْ مرقدنا أنه كان بطريق التساؤل، وعلى الإحتمالين لا يشكل هذا مع قوله تعالى في شأن الكفرة يوم القيامة: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} وفي شأن المؤمنين: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} فإن تساؤل الكفرة المنفي في موطن وتساؤلهم المثبت في موطن آخر ولعله عند جهنم وهو بعد النفخة الثانية بكثير، وكذا تساؤل المؤمنين بعدها بكثير أيضًا فإنه في الجنة كما يرشد إليه الرجوع إلى ما قبل الآية (١).

قال ابن الجوزي: وفي قوله: {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} ثلاثة أقوال:

أحدها: لا يتساءلون بالأنساب أن يترك بعضهم لبعض حقه.

والثاني: لا يسأل بعضهم بعضًا عن شأنه لاشتغال كل واحد بنفسه.

والثالث: لا يسأل بعضهم بعضًا: من أي قبيل أنت؟ كما تفعل العرب لتعرف النسب فتعرف قدر الرجل (٢).


(١) روح المعاني ١٨/ ٦٥؛ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}.
(٢) زاد المسير ٥/ ٤٩٠؛ {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>