للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباركت فيها أقواتها في أربعة أيام، كأن الأيام الأربعة هي كل الفترة التي استغرقتها عملية خلق الأرض؛ منها يومان لخلق الأرض، ويومان لإتمام الخلق بأن جعل اللَّه سبحانه وتعالى رواسي من فوقها، وبارك فيها أقواتها؛ المدة كلها أربعة أيام، وليست ستة أيام.

قال الزركشي: المراد بقوله: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى قوله: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} ومع اليومين المتقدمين، ولم يرد بذكر الأربعة غير ما تقدم ذكره، وهذا كما يقول الفصيح سرت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وسرت إلى الكوفة في ثلاثة عشر يوما ولا يريد سوى العشرة بل يريد مع العشرة ثلاثة ثم قال تعالى فقضاهن سبع سماوات في يومين ٣ وأراد سوى الأربعة وذلك لا مخالفة فيه لأن المجموع يكون ستة (١).

[الوجه الثالث: لفظ: (يوم) في الآيات ليس المقصود به اليوم الذي هو أربع وعشرون ساعة.]

١ - لقد بين اللَّه تعالى أنه خلق الأرض والسماء في ستة أيام ولم يبين مقدار اليوم ولكن في نصوص أخرى بَيَّنَ اللَّهُ تعالى أن اليوم عند اللَّه تعالى يختلف عن اليوم بالمقاييس البشرية؛ قال تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧)} (الحج: ٤٧).

قال ابن الجوزي: ومعنى قوله: (في ستة أيام) أي: في مقدار ذلك، لأن اليوم يعرف بطلوع الشمس وغروبها، ولم تكن الشمس حينئذ.

قال ابن عباس: مقدار كل يوم من تلك الأيام ألف سنة، وبه قال كعب، ومجاهد، والضحاك، ولا نعلم خلافًا في ذلك، ولو قال قائل: إنها كأيام الدنيا كان قوله بعيدًا من وجهين:

أحدهما: خلاف الآثار. والثاني: أن الذي يتوهمه المتوهم من الإبطاء في ستة آلاف سنة يتوهمه في ستة أيام عند تصفح قوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، فإن قيل: فهلا خلقها في لحظة فإنه قادر؟ فعنه خمسة أجوبة:


(١) البرهان (٢/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>