للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمرًا تستعظمه الملائكة ومن يشاهده؛ ذكره ابن الأنباري.

والثاني: أن التثبت في تمهيد ما خلق لآدم وذريته قبل وجوده أبلغ في تعظيمه عند الملائكة.

والثالث: أن التعجيل أبلغ في القدرة والتثبيت أبلغ في الحكمة؛ فأراد إظهار حكمته في ذلك كما يظهر قدرته في قوله: (كن فيكون).

والرابع: أنه علم عباده التثبت، فإذا تثبت من لا يَزِلُّ كان ذو الزلل أولى بالتثبت.

والخامس: أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء أبعدُ مِنْ أن يُظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق (١).

فإن لفظ (يوم) مدلوله يختلف في اللغة العربية عنه في اللغات الأخرى.

٢ - ولقد أجمعت الكتب السماوية السابقة على أن اللَّه قد خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وجاء القرآن الكريم فأكد هذه الحقيقة في آيات كثيرة منها قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٤)} (السجدة: ٤)، ولكن الفارق بين ذكر ذلك في القرآن الكريم وفي غيره أنه لم يكتفٍ بذكر هذه الحقيقة الكونية بل جاء بحقائق إضافية عن تفصيل هذه الأيام، وكذلك عن الحال الذي كان عليه الكون عند بداية خلقه والحال التي سيؤول إليها، ومن أهم الحقائق التي تفرد بذكرها القرآن دون غيره من الكتب السماوية هي حقيقة أن السموات والأرض قد خلقهما اللَّه في يومين اثنين ولم يستغرق خلقها ستة أيام كما جاء في قوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ


(١) زاد المسير ٣/ ٢١٠ (الأعراف: ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>