الثاني: أن هؤلاء لما عجزوا عن معرفة طالع القرآن أقاموا طالع السنة مقام القرآن ومعلوم أن هذا في غاية الفساد.
الثالث: أنهم اختلفوا اختلافًا شديدًا في الواحدة من مسائل هذا العلم فإن أقوالهم في حدود الكواكب كثيرة مختلفة وليس مع أحد منهم شبهة ولا خيال فضلًا عن حجة واستدلال ثم إن كثيرًا منهم من غير حجة ولا دليل ربما أخذوا واحدًا من تلك الأقوال من غير بصيرة، بل بمجرد التشهي مثل أخذهم في ذلك بحدود الضربين وذلك من أدل الدلائل على فساد هذا العلم.
الرابع: أن أقوالهم متناقضة فإن منهم من يقول كون زحل في بيت المال دليل الفقر ومنهم من يقول يدل على وجدان كنز.
الخامس: أن هذا العلم مع أنه تقليد محض فليس أيضا تقليدا منتظما لأن لكل قوم فيه مذهبا ولكل طائفة فيه مقالة فللبابليين فيه مذهب وللفرس مذهب آخر وللهند مذهب وللصين مذهب رابع والأقوال إذا تعارضت وتعذر الترجيح كان دليلا على فسادها وبطلانها وسيأتي إن شاء الله بسط هذه الوجوه أكثر من هذا.
الخامس: مما يدل على بطلان القول بالأحكام أن الطالع عندهم هو الشكل الخصوص الحاصل للفلك عند انفصال الولد من رحم أمه وإذا ثبت هذا فنقول الاستدلال بحصول ذلك الشكل على جميع الأحوال الكلية التي تحصل لهذا الولد إلي آخر عمره استدلال باطل قطعا ويدل عليه وجوه:
أحدها: أن ذلك الشكل كما حدث في تلك اللحظة فإنه يفنى ويزول ويحدث شكل آخر فذلك الشكل المعين معد في جميع أجزاء عمر هذا الإنسان والمعدوم لايكون علة للموجود ولا جزء من أجزاء العلة وإذا كان كذلك امتنع الاستدلال بذلك الشكل منهما على الأحوال التي تحدث في جميع أجزاء العمر.