[الوجه الرابع: النظرة العلمية لمفهوم الأممية عند الحيوان والطير وغيرهم، أو التطبيق العلمي لمعرفة معنى كلمة:(الأمة).]
فمعنى كلمة:(الأمة) علميًا: أنه كما أننا نحن البشر أعدادنا كثيرة مؤلفة من قبائل، وعشائر، وشعوب، وعائلات، وكذلك أنواعنا: من أبيض، وأسمر، وأصفر، وغير ذلك - فكذلك الحيوانات والطيور.
قال ابن جماعة: فكل الأحياء من حشرات، وزواحف، وفقاريات، ومن طائر يطير بجناحيه في الهواء، ومن حيوان مائي، وبرمائي، وبري، وجبلي، ما من مخلوق من هذه المخلوقات إلا وهي تنتظم في أمة ذات خصائص واحدة وطريقة في الحياة واحدة؛ خلقت مفطورة على اتجاه معين في الحياة، ونظمت خلايا تكوينها على شكل لا يمكن أن يخرج بسببها حيوان من فطرته ونظامه، ولا نبات عن جنسه، وما أودع اللَّه تعالى فيه فلن ينقلب كما لم يحصل قط القط إلى كلب، ولا السمك إلى حيوان بري، ولا الثوم بصلًا, ولا البصر كراثًا (١).
النظرة العلمية: لقد اكتشف علماء الحيوان الذين يدرسون حياته الاجتماعية سواء منها ما تسعى في الأرض، أو تطير في السماء، أو تسبح في الماء؛ أنما هي شعوب، وقبائل، وأمم تربطها صلات وعلاقات وثيقة، فهي لا تختلف في أسلوب حياتها ونشاطها عن أمم البشر الذين يعمرون الأرض، وقد ألف علماء علم الأحياء مؤلفات كثيرة تبين نتائج ما وصلوا إليه من معلومات وحقائق عن نظام كل نوع من الحيوان والحشرات في حالة السلم والحرب، وفي السعي لطب الغذاء، وفي رعاية الصغار والضعفاء, وما تلجأ إليه من حيل في التغلب على ما يواجهها من مصاعب وأخطار، وفي انقيادها لما هيأه لها الخالق العظيم من أعمال تتلاءم مع بيئتها وبنيتها، والأهداف التي خلقت لها، ويقول سبحانه وتعالى في سورة النحل (آية: ٦ - ٩) تبيانًا لذلك: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ
(١) إيضاح الدليل ١/ ١٩؛ فصل: الكلام في ذات اللَّه تعالى وصفاته.