للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا قال ابن قدامة: (وقول من أسقط الحد عنه؛ يخالف النص والإجماع). (١)

٢ - استدلوا بحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّه إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ" النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ". (٢)

وأجيب عليه بقول ابن عبد البر رحمه اللَّه حيث قال: وهذا حديث قيل في وقت، ثم نزل بعده إباحة دم الساعي بالفساد في الأرض، وقاطع السبيل، وعامل عمل قوم لوط، ومن شق عصى المسلمين، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا بُويعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا" (٣)، وجاء النص فيمن عمل عمل قوم لوط (فاقتلوه).

وهذا من نحو قول اللَّه جل جلاله {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ. .} (الأنعام: ١٤٥). ثم حرم اللَّه عز وجل بعد ذلك أشياء كثيرة في كتابه، أو على لسان نبيه، منها أن اللوطي زان، واللواط زنى وأقبح من الزنا، وباللَّه التوفيق. (٤)

قال الشوكاني معقبًا على من قال (لا حد عليه): وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْمذْهَبِ مِنْ المُخَالَفَةِ لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي خُصُوصِ اللُّوطِيِّ؛ وَالْأَدِلَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الزَّانِي عَلَى الْعُمُومِ. (٥)

[القول الثاني: أن عليه الحد.]

وهذا ما عليه جمهور العلماء، لكنهم اختلفوا في نوعية الحد وصفة تطبيقه على قولين:

الأول: يحد حد الزنا فيفرق بين المحصن وغيره.

وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن وقتادة والنخعي والثوري والأوزاعي والشافعي في قول له، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وصاحبا أبي حنيفة: (أبو يوسف ومحمد بن الحسن). (٦)


(١) المغني (١٠/ ١٦٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٧٨)، مسلم (١٦٧٦) من حديث ابن مسعود.
(٣) أخرجه مسلم (١٨٥٣) من حديث أبي سعيد.
(٤) الاستذكار (٢٤/ ٨٤: ٨٣).
(٥) نيل الأوطار (٧/ ١١٨).
(٦) الاستذكار (٢٤/ ٧٨: ٧٧)، وسنن الترمذي (٤/ ٥٨)، ونيل الأوطار (٧/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>