وهذا أيضًا مما لا علاقة له بموقف الإِسلام من إنسانية المرأة وكرامتها أو أهليتها، وإنما هو وثيق الصلة بمصلحة الأمة، وبحالة المرأة النفسية، ورسالتها الاجتماعية (١).
[الوجه الثاني: طبيعة عمل الإمام أو رئيس الدولة.]
إن رئيس الدولة في الإسلام ليس صورة رمزية للزينة والتوقيع، وإنما هو قائد المجتمع ورأسه المفكر، ووجهه البارز، ولسانه الناطق، وله صلاحيات واسعة خطيرة الآثار والنتائج.
فهو الذي يعلن الحرب على الأعداء، ويقود جيش الأمة في ميادين الكفاح، ويقرر السلم والمهادنة، إن كانت المصلحة فيهما، أو الحرب والاستمرار فيها إن كانت المصلحة تقتضيها، وطبيعي أن يكون ذلك كله بعد استشارة أهل الحل والعقد في الأمة؛ عملًا بقوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(آل عمران: ١٥٩)، ولكنه هو الذي يعلن قرارهم، ويرجح ما اختلفوا فيه؛ عملًا بقوله تعالى بعد ذلك:{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}(آل عمران: ١٥٩).
ورئيس الدولة في الإسلام يتولى خطابة الجمعة في المسجد الجامع، وإمامة الناس في الصلوات، والقضاء بين الناس في الخصومات، إذا اتسع وقته لذلك.
[الوجه الثالث: تعارض طبيعة المرأة وطبيعة الإمامة والقيادة]
ومما لا ينكر أن هذه الوظائف الخطيرة لا تتفق مع تكوين المرأة النفسي والعاطفي، وبخاصة ما يتعلق بالحروب وقيادة الجيوش، فإن ذلك يقتضي من قوة الأعصاب، وتغليب العقل على العاطفة، والشجاعة في خوض المعامع، ورؤية الدماء، ، وإلا فقدت الحياة أجمل ما فيها من رحمة ووداعة وحنان.
وكل ما يقال غير هذا لا يخلو من مكابرة بالأمر المحسوس، وإذا وجدت في التاريخ نساءًا قدن الجيوش، وخضن المعارك، فإنهن من الندرة والقلة بجانب الرجال ما لا يصح أن يتناسى معه طبيعة الجمهرة الغالبة من النساء في جميع عصور التاريخ، وفي جميع الشعوب، ونحن حتى الآن لم نر في أكثر الدول تطرفًا في دفع المرأة إلى كل ميادين الحياة من