للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقره بعد ذلك. (١)

وأما البصرة فإن واليها خرج من نفسه، وفي اليمن أخذ أميرها يعلي بن مُنية مال جباية اليمن وقدم مكة بعد مقتل عثمان وانضم إلى طلحة والزبير وحضر معهم موقعة الجمل، وابن أبي السرح خرج إلى فلسطين ومكث هناك حتى مات بعد أن تغلب ابن أبي حذيفة على مصر. (٢)، وهكذا فإن أميري اليمن والبصرة عزلا أنفسهما، وأمير مصر عزله المتغلب عليها، وأمير الكوفة أقره على منصبه فلم يرد العزل إلا في حق معاوية والي الشام وخالد والي مكة.

[وأما القول بأنه عزلهم قبل أن تأتيه بيعة أهل الأمصار]

فالجواب: أن تولية الإمام للعمال على الأمصار غير مشروط بوصول بيعة أهلها له، فمتى بايع أهل الحل والعقد، لزمت بيعته جميع البلدان النائية عن مركز الخلافة، ولو كانت تولية الخليفة العمال على الأمصار متوقفة على وصول بيعة أهلها له ما تمت بيعة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- لأنه تصرف بإرسال جيش أسامة ومحاربة المرتدين قبل وصول بيعة أهل مكة والطائف وغيرها من البلاد، وكذلك فعل الفاروق وذو النورين، فإنهما تصرفا في أمور المسلمين أيضًا قبل وصول بيعة الأمصار إليهما.

[الوجه الثالث: مقدمات معركة الجمل وما سبقها من أحداث.]

لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي -رضي اللَّه عنه- خرج كل من طلحة والزبير من المدينة بقصد العمرة، وكذلك خرج عبد اللَّه بن عامر من البصرة ويعلي بن مُنْية من اليمن إلى مكة في أوقات مختلفة، وأما عن طلب الزبير وطلحة من علي السماح لهما بالذهاب إلى البصرة والكوفة لإحضار جند يقاتلون بهم قتلة عثمان -رضي اللَّه عنه- فهذا خبر لا يصح منه شيء، لأن طلحة والزبير رضي اللَّه عنهما كانا حريصين على إصلاح ذات البين وإطفاء نار الفتنة ومنع إراقة المزيد من دماء المسلمين، كما سيأتي.

اجتمع طلحة، والزبير، ويعلي، وعبد اللَّه بن عامر، وعائشة بعد نظر طويل على الشخوص


(١) تاريخ خليفة (١٧٨، ١٥٥، ١٢٣، ١٢٢، ١٠٢، ٩٧)، تاريخ الطبري (٣/ ٣٤٣)، (٤/ ٢٤١).
(٢) تاريخ الطبري (٤/ ٤٤٢)، وتاريخ خليفة (ص ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>