للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في رؤيتهم ربهم تبارك وتعالى بأبصارهم جهرة كما يرى القمر ليلة البدر]

قال ابن القيم: هذا الباب أشرف أبواب الكتاب (١)، وأجلها قدرًا، وأعلاها خطرًا، وأقرها لعيون أهل السنة والجماعة، وأشدها على أهل البدعة والضلالة، وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون، وتنافس فيها المتنافسون، وتسابق إليها المتسابقون، ولمثلها فليعمل العاملون، إذا ناله أهل الجنة نسوا ما هم فيه من النعيم، وحرمانه والحجاب عنه لأهل الجحيم أشد عليهم من عذاب الجحيم، اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، وجميع الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام على تتابع القرون، وأنكرها أهل البدع المارقون، والجهمية المتهوكون، والفرعونية المعطلون، والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون، والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون، ومن حبل الله منقطعون، وعلى مسبة أصحاب رسول الله عاكفون، وللسنة وأهلها محاربون، ولكل عدو لله ورسوله ودينه مسالمون، وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون، وعن بابه مطرودون. (٢)

قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} (القيامة: ٢٢، ٢٣)

قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٦)} [يونس: ٢٦]

فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجهه الكريم، كذلك فسرها رسول الله الذي أنزل عليه القرآن فالصحابة من بعده.

عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجنَّةِ الجَنَّةَ قَال: يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالى: تُرِيدُونَ شيئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تبيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الجنةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَال: فَيَكْشِفُ الحجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شيئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ".


(١) يقصد كتابه "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح".
(٢) حادي الأرواح صـ ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>