للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: وقوله: {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} أي: لو كنت تحسنها لارتاب بعض الجهلة من الناس، فيقول: إنما تعلم هذا من كُتب قبله مأثورة عن الأنبياء، مع أنهم قالوا ذلك مع علمهم بأنه أمِّي لا يحسن الكتابة: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} [الفرقان: ٥]، قال الله تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦)} [الفرقان: ٦] (١).

[الشبهة الخامسة]

الشبهة المتعلقة بقوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩)} [البقرة: ١٢٩].

وقوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} [آل عمران: ١٦٤] وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجمعة: ٢ - ٣]. وقوله: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} [البينة: ٢].

نص الشبهة: وبناءً على مما صرح به القرآن؛ فإن أول واجبات النبي - صلى الله عليه وسلم - هو تعليم القرآن لأتباعه؛ ومن المسلم به أن أقل ما يتطلب في من يراد له، أن يعلم كتابًا أو محتويات كتاب ما للآخرين -هو كما صرح به القرآن نفسه- أن يستطيع استعمال القلم، أو قراءة ما كتب بالقلم- على الأقل.

وقالوا: إن الله يذكر القلم والكتاب في أول سورة قرآنية، ألا يشكل هذا دليلًا واضحًا وصريحًا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف القراءة والكتابة. وهل يمكن أن يشوق النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس للعلم والعرفة والكتابة، وهو لا يعتني بقراءته وكتابته مع أنه كان في الطليعة في كل المجالات.


(١) تفسير القرآن العظيم ٦/ ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>