للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما جعلوا للمؤنّث، وهي قليلة؛ قال الشاعر وهو الفرزدق:

ولكنْ دِيافيٌّ أبوه وأمُّه ... بحَورانَ يعصِرنَ السّليطَ أقاربُهْ. (١)

وتزاد الواو في الفعل علامة للجمع والضمير نحو: الرجال يقومون ويقعدون، وتزاد علامة للجمع مجردة من الضمير في قول بعض العرب: أكلوني البراغيث، وعلى هذا أحد وجهي ما تأولت عليه الآية: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} فيمن لم يجعل في (أَسَرُّوا) ضميرًا، ومثل ذلك سواء قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} (المائدة: ٧١)، وقال الشاعر:

يلومونني في اشتراء النخيل ... أهلي وكلُّهم أَلْوَمُ. (٢)

[الوجه الثالث: (الذين ظلموا) تفسير للضمير في (أسروا).]

الإضمار على شريطة التفسير:

وذلك مثلُ قولِهم: أكرمَني وأكرمتُ عبد اللَّه. أردتَ: أكرَمني عبدُ اللَّه وأكرمتُ عبد اللَّه، ثم تركتَ ذكرَه في الأوّل استغناءً بذكره في الثاني. . (٣)

وضابط هذا الأسلوب هو أن تأتي بالضمير أولًا ثم تفسره بعد ذلك بذكر مرجعه، ومن أمثلته شعرًا قول الشاعر:

هي الدنيا تقول بملء فيها ... حذار حذارِ من بطشي وفتكي

ولا يغرُركمُ منى ابتسام ... فقولي مضحك والفعل مبكي

وتخريج الآية على هذا الأسلوب سائغ، فقد أتى بالضمير أولًا (وَأَسَرُّوا) ثم فسره ثانيًا بـ (الَّذِينَ ظَلَمُوا).

وبلاغة هذا الأسلوب هي تحريك الشعور، وتشويق النفس إلى عقبى الكلام كيف


(١) الكتاب لسيبويه ٢/ ٤٠.
(٢) سر صناعة الإعراب لابن جني ٢/ ٦٢٩ زيادة الواو.
(٣) دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني؛ القول في الحذف ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>