للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتخذوا الشاقل أيضًا في عهد موسى. (١)

لكن الطامة الكبرى والداهية العظمى أن يذكر خبر وفاة موسى عليه السلام وندب بني إسرائيل له، وذلك في أسفار تنسب إلى موسى، فقد جاء في سفر التثنية "٥ فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. ٦ وَدَفَنَهُ فِي الجوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَان قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. ٧ وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ، وَلَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلَا ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ. فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. فَكَمُلَتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى." (التثنية ٣٤/ ٥ - ٨)، والملاحظ دومًا أنه حديث عن الماضي البعيد، وليس إخبارًا عن المستقبل. (٢)

[٤ - مسميات ظهرت بعد موسى.]

وتذكر الأسفار الخمسة أسمًاء كثيرة لمسميات لم يعرفها بنو إسرائيل إلا بعد موسى، ولم تسم بهذه الأسماء إلا بعد قرون من وفاة موسى، فكيف ذكرتها توراة موسى إذًا؟

١ - ومنها "وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ" (التكوين ١٤/ ١٤) وقد سميت بهذا الاسم في عهد القضاة، أي بعد موسى بما يربو على مائة سنة، يقول سفر القضاة: "وَجَاءُوا إِلَى لَايِشَ ... وَدَعَوْا اسْمَ الْمَدِينَةِ "دَانَ" بِاسْمِ دَانٍ أَبِيهِمِ" (القضاة ١٨/ ٢٧ - ٢٩).

٢ - ونحوه ما جاء في التكوين وفيه ١٥"لأَنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أَرْضِ الْعِبْرَانِيِّينَ" (التكوين ٤٠/ ١٥)، ولم تسم فلسطين بهذا الاسم في عهد موسى، إذ لم يدخل العبرانيون إليها بعد.

٣ - ومثله "٢٧ وَجَاءَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ إِلَى مَمرا، قَرْيَةِ أَرْبَعَ، الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ" (التكوين ٣٥/ ٢٧)، ولم تسم حبرون (الخليل) بهذا الاسم إلا في عهد يشوع، كما ورد في سفره" وَأَعْطَى حَبْرُونَ لِكَالبَ ... ١٥ وَاسْمُ حَبْرونَ قَبْلًا قَرْيَةُ أَرْبَعَ" (يشوع ١٤/ ١٣ - ١٥)، فالكاتب لسفر التكوين أدرك دخول يشوع لفلسطين، ورأى تغيير اسم المدينة من أربع إلى حبرون. (٣)


(١) الكتب المقدسة بين الصحة والتحريف (٧٩).
(٢) المصدر السابق (٧٣).
(٣) وانظر: توراة اليهود وابن حزم، تأليف/ عبد الوهاب عبد السلام طويلة (٦٠ - ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>