للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن مسروق أنه قال: كان عبد الله وحذيفة وأبو موسى في منزل أبي موسى، فقال حذيفة: أما أنت يا عبد الله بن قيس فبُعثت إلى أهل البصرة أميرًا ومعلمًا، فأخذوا من أدبك ومن لغتك ومن قراءتك، وأما أنت يا عبد الله بن مسعود فبُعثت إلى أهل الكوفة معلمًا فأخذوا من أدبك ومن لغتك ومن قراءتك. فقال عبد الله: أما أني إذا لم أضلهم وما في كتاب الله آية إلا أعلم حيث نزلت، وفيمن نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني تبلغنيه الإبل لرحلت إليه (١).

ولا يستشكل على هذا قول أبي وائل: فجلست في حلق أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فما سمعت أحدًا يرد ذلك عليه ولا يعيبه؛ لأن نفي سماعه هو لا يستلزم ثبوت النفي مطلقًا.

[الوجه الرابع: إذا سلمنا أن ابن مسعود أراد الطعن في صحة جمع القرآن لا نسلم أنه داوم على هذا الطعن والإنكار.]

بل قال هذا وقت غضبه، فلما سكت عنه الغضب أدرك حسن اختيار عثمان ومن معه من الصحابة لزيد بن ثابت؛ قال الذهبي: وقد ورد أن ابن مسعود رضي وتابع عثمان ولله الحمد (٢).

وبدليل ما صح عنه من قراءات متواترة عنه (٣).

[الأدلة على رجوع ابن مسعود عن رأيه في جمع عثمان.]

أخرج ابن أبي داوود في المصاحف: - باب رضاء عبد الله بن مسعود بجمع عثمان - رضي الله عنه - المصاحف - قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، ومحمد بن عثمان بن حسان العامري عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنّا لم نأتك زائرين ولكننا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على


(١) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (٤١) وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ٣٣/ ١٣٤. والطبراني في الكبير (٨٤٣١) كلهم من طريق إسماعيل بن بهرام الكوفي عن سعيد عن المغيرة عن أبي الضحى عن مسروق به. وتوبع سعيد بن الخمس تابعه أبو عوانة اليشكري عند البزار في مسنده (١٩٦٩) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٣/ ١٣٤). وإسناده صحيح لكنه موقوف.
(٢) سير أعلام النبلاء ١/ ٤٨٨.
(٣) مناهل العرفان في علوم القرآن ١/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>