للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعجبك حسن من أردت أن تبدل به منهن؛ إلا ما ملكت يمينك. وأن في قوله: {أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ} رفع؛ لأن معناها: لا يحل لك النساء من بعد، ولا الاستبدال بأزواجك، وإلا في قوله: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} استثناء من النساء، ومعنى ذلك: لا يحل لك النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك إلا ما ملكت يمينك من الإماء، فإن لك أن تملك من أي أجناس الناس شئت من الإماء. (١)

قلت: وبهذا يتضح للقارئ أن الآية لا علاقة لها بتبادل النساء على المعنى الذي أراد، ولو كان لكانت علاقة المنع لا الإباحة.

[وأما الحديث الذي استدل به علي إباحة التبادل في الإسلام للزوجات]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-، قَالَ: كَانَ الْبَدَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُل: تَنْزِلُ لِي عَنِ امْرَأَتِكَ وَأَنْزِلُ لَكَ عَنِ امْرَأَتِي وَأَزِيدُكَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّه عز وجل: {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}، قَال: "فَدَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ فَدَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (يَا عُيَيْنَةُ فَأَيْنَ الِاسْتِئْذَانُ)، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه، مَا اسْتَأْذَنْتُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ مُضَرَ مُنْذُ أَدْرَكْتُ، قَالَ مَنْ هَذِهِ الْحُمَيْرَاءُ الَّتِي إِلَى جَنْبِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (هَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ)، قَالَ: أَفَلَا أَنْزِلُ لَكَ عَنْ أَحْسَنِ الْخَلْقِ، قَالَ: (يَا عُيَيْنَةُ، إِنَّ اللَّه قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ)، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّه، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أَحْمَقُ مُطَاعٌ وَإِنَّهُ عَلَى مَا تَرَيْنَ لَسَيِّدُ قَوْمِهِ". (٢)


(١) الطبري، وانظر تفسير القرطبي، الشوكاني، روح المعاني للآلوسي، آية (٥٢) من سورة الأحزاب.
(٢) الدارقطني في سننه ٣/ ٢١٨ من طريق إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ به. وفيه إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة، وهو متروك الحديث متهم بالكذب. وهذه بعض أقوال العلماء فيه: قال ابن معين: ليس بشيء؛ ولا يكتب حديثه، وقال عنه في رواية علي بن حسن الهسنجاني: كذاب. وقال أحمد: لا تحل عندي الرواية عن إسحاق بن أبي فروة، وما هو بأهل لأن يحمل عنه أو يروي عنه. وقال عمرو بن علي، وأبو زرعة، والنسائي، وأبو حاتم: متروك. وقال البخاري: تركوه. وقال ابن خزيمة: لا يحتج بحديثه. وقال الدارقطني، والبرقاني: متروك. وقال ابن عدي: لا يتابع على أسانيده ولا =

<<  <  ج: ص:  >  >>