قول محمد بن كعب القرظي قال: وكذا كانت الأنبياء قبله عليه السلام، تزوج سليمان عليه السلام سبعمائة امرأة حرة وكان له ثلاثمائة مملوكة فذلك ألف، وكان لداود عليه السلام مائة امرأة منهن أم سليمان امرأة أورياء بن حنان. وقال عمر مولى غفرة: لما قالت اليهود ما لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- شغل إلا التزوج فحسدوه على ذلك فأنزل اللَّه عز وجل {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (٥٤)} (النساء: ٥٤)، وكان لسليمان عليه السلام ألف امرأة منها سبعمائة حرة وكان لداود عليه السلام مائة امرأة. (١)
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ولا أن تطلق أزواجك فتستبدل بهن غيرهن أزواجًا. فإن قال قائل: أفلم يكن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزوج امرأة على نسائه اللواتي كن عنده؟ فيكون موجهًا تأويل قوله:{وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} إلى ما تأولت، أو قال: وأين ذكر أزواجه اللواتي كن عنده في هذا الموضع؟ فتكون الهاء من قوله {وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ} من ذكرهن، وتوهم أن الهاء في ذلك عائدة على النساء في قوله:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}؟ قيل: قد كان لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يتزوج من شاء من النساء اللواتي كان اللَّه أحلهن له على نسائه اللاتي كن عنده يوم نزلت هذه الآية، وإنما نهي -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذه الآية أن يفارق من كان عنده بطلاق أراد به استبدال غيرها بها لإعجاب حسن المستبدلة له بها إياه إذ كان اللَّه قد جعلهن أمهات المؤمنين، وخيرهن بين الحياة الدنيا والدار الآخرة والرضا باللَّه ورسوله فاخترن اللَّه ورسوله والدار الآخرة؛ فحرمن على غيره بذلك ومنع من فراقهن بطلاق، فأما نكاح غيرهن فلم يمنع منه بل أحل اللَّه له ذلك على ما بيَّن في كتابه. وقد روي عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يقبض حتى أحل اللَّه له نساء أهل الأرض.
فتأويل الكلام: لا يحل لك يا محمد النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك في الآية قبل، ولا أن تطلق نساءك اللواتي اخترن اللَّه ورسوله والدار الآخرة فتبدل بهن من أزواج؛ ولو