للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أضاء من المدينة كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أظلم من المدينة كل شيء، وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا. (١)

وقد منح الله تعالى الأنبياء دعوة مستجابة، فتعجلوها ودعوا بها، أما الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد ادخرها لأمته كما في الحديث: "لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة" (٢).

وتتجلى في رسالة النبي الكريم كل معاني الرحمة، فقد رفع الله عن أمته الإصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، فيسر لها الدين ورفع عنها الحرج {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

وقد امتلأت نفس الرسول الكريم بالرحمة، وأوصى أتباعه بأن يكونوا رحماء كما وصفهم القرآن: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الفتح: ٢٩]. (٣)

[رحمة الرسول - صلى الله عليه وسلم -]

١ - قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧].

٢ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بالرحمة". (٤)

٣ - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا رحمة مهداة". (٥)


(١) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أنس (٣/ ٢٢١).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٠٤)، ومسلم (١٩٨).
(٣) انظر السيرة النبوية: أكرم ضياء العمري (٦٣٥).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (٢٨٠٣) من قول أبي سفيان، وانظر: تفسير الصنعاني.
(٥) رواه الحاكم في المستدرك (١/ ٩١/ ١٠٠)، والشهاب القضاعي في مسنده (٢/ ١٨٩/ ١١٦٠)، وصححه الألباني في الصحيحة (٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>