للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - نفع كثير من الفقراء بتلك الصدقة.

٣ - تخفيف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشقة، فقد أكثروا مناجاته.

٤ - التمييز بين قوي الإيمان وضعيف الإيمان، وبين محب الآخرة ومحب الدنيا. (١)

الشبهة الثالثة: يقولون: لو جاز على الله تعالى أن ينسخ حكمًا من أحكامه؛ لكان ذلك إما لحكمة ظهرت له كانت خافية عليه، وإما لغير حكمة وكل هذين باطل.

أما الأول: فلأنه يستلزم تجويز البداء والجهل بالعواقب على علام الغيوب.

وأما الثاني: فلأنه يستلزم تجويز العبث على الحكيم العليم اللطيف الخبير.

والبداء والعبث مستحيلان عليه سبحانه بالأدلة العقلية والنقلية فما أدى إليهما وهو جواز النسخ محال.

والجواب على هذه الشبهة:

الوجه الأول: أن الله لا يُسألُ عما يفعل.

قال ابن حزم: ما الفرق بين أن يأمرنا الله بشيء في وقت ما، ويبينه لنا، ويعلمنا أنه إذا أتى وقت كذا وجب الانتقال إلى شيء آخر، وبين أن يأمرنا ولا يعلمنا أنه سينقلنا إلى شيء آخر؟ وهذا ما لا سبيل إلى وجود فرق فيه أبدا لذي تمييز وعقل؛ لأنه ليس لنا على الله تعالى شرط، ولا عليه أن يطلعنا على علمه، ولا يتقمن (٢) مسارنا، ولا أن يأخذ آراءنا في شيء، ومدَّعِي هذا ملحد في دين الله - عز وجل -، كافر به، مفتر عليه، وقد نص تعالى على ذلك بقوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: ٢٥٥] وبقوله - عز وجل -: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: ٢٦، ٢٧]. (٣)

الوجه الثاني: النسخ مبنيٌّ على حكمةٍ يعلمها الله سبحانه وتعالى.


(١) تفسير الرازي (٢٩/ ٢٧١) بتصرف.
(٢) قال في لسان العرب ١٣/ ٣٤٧: تقَمَّنْتُ في هذا الأَمر مُوافَقَتَك أَي: تَوَخَّيْتُها.
(٣) الأحكام لابن حزم (١/ ٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>